La philosophie de l'histoire chez Vico
فلسفة التاريخ عند فيكو
Genres
10
وكان حق الملكية هو حق الأقوى المتصرف تصرفا كليا في ملكه؛ لأن الحق كان مرادفا للقوة في العصور الأولى من تاريخ العالم. وكان حق الملكية في البداية وقفا على آباء الأسر.
وأخيرا نشأ منطق المتعلمين الذي يبدأ من المحسوس الجزئي ومن الحالات الخاصة لكي يصل إلى التعميمات والكليات مع تطور العقل البشري. ويضرب فيكو لذلك مثلا على طفولة العقل البشري التي تشبه طفولة الإنسان؛ فالطفل قادر على التقليد والمحاكاة لأن خياله وحسه يتميزان بالحيوية ويرتبطان بالمحسوسات؛ لهذا كانت الفنون أسبق من الفلسفة، كما كانت الفلسفات أسبق من العلوم. ويقدم فيكو بعض الأمثلة من تطور العقل البشري اليوناني فيقول إن أيسوب
Aesop
11
الذي سبق الحكماء السبعة كان يعلم الناس بالحكمة والمثل لأنه فيما يقول فيكو كان يحيا في العصر الشعري ويفكر من خلال الحالات الجزئية المحسوسة التي تقنع عامة الناس أكثر مما يقنعهم التفكير العقلي. ثم جاء سقراط بعد أيسوب فأدخل الجدل واستخدم الاستقراء في جمع الأحوال الجزئية للتوصل منها إلى المبادئ العامة . وهكذا تفوقت أثينا في عهد سقراط وأفلاطون في جميع الفنون وازدهر فيها الشعر والخطابة والتاريخ كما ازدهرت الموسيقى والرسم والنحت والعمارة. وكل هذا دليل على أنها كانت لا تزال في حالة التفكير الاستقرائي بالأمثلة والحالات الجزئية. ثم جاء أرسطو بمنهجه ومنطقه الصوري الاستنباطي وخصوصا القياس الذي يستدل من الكلي على الجزئي، أي الذي يستنبط الحالة الجزئية من القضية الكلية بدلا من الجمع بين الجزئيات للحصول على الكليات، ولكن هذا المنهج فيما يزعم فيكو لم يفد الجنس البشري أية فائدة؛ ولهذا كان فرنسيس بيكون على حق عندما دعا في كتابه «الأورجانون الجديد» إلى المنطق الاستقرائي وأكد أهميته.
12 (1-3) الأخلاق الشعرية
نشأت الأخلاق الشعرية لدى الأمم الأممية من فكرة الخوف من الإله، وهذه الفكرة ليس مصدرها العقل بل الأحاسيس والانفعالات؛ فالعمالقة الذين خافوا رعد السماء بدءوا يغيرون من عاداتهم الوحشية كالجماع في العراء واكتسبوا عادات أخرى، فأخذوا يختبئون في الكهوف ويشعرون بالخجل - الذي وصفه سقراط بأنه مظهر الفضيلة
13 - ومن ثم نشأ نظام الزواج من امرأة واحدة، وانبثقت الفضائل الأخلاقية من الدين الذي نشأ بدوره من فكرة أساسية لدى الأمم الأممية وهي الخوف من كبير الآلهة. لقد نشأ نظام الزواج - كما ذكرنا من قبل - من فكرة الألوهية. ففي هذه العصور الأولى نجد أن الدين علم الناس الذكاء ليفهموا نبوءات جوبيتر، وعلمهم أن يكونوا عادلين تجاه الإله وتجاه بعضهم البعض، وأن يكونوا متعففين بحيث يكتفي الرجل بامرأة واحدة طوال عمره، وعلمهم أن يكونوا أقوياء كما علمهم كرم النفس. ولم تكن اللذة هي قانون العصور الأولى كما يدعي بعض الكتاب؛ لأن عصر الشعراء اللاهوتيين هذا لم يجد متعة إلا فيما هو نافع ومفيد.
14
Page inconnue