La philosophie de l'histoire chez Vico
فلسفة التاريخ عند فيكو
Genres
وقد جمع ابنه جينارو السيرة الذاتية والإضافتين التاليتين لها اللتين لم تنشرا ووجدتا بين أوراقه بعد وفاته عام 1806م وسلمها للماركيز فيلاروزا
Villarosa
الذي تعهد بنشرها وألحق بها هو الآخر بعض الإضافات التي جمعها من بعض الروايات الشفوية وبعض الإشاعات عنه. وأيا كان الرأي في هذه الإضافات فهي تعد المرجع الوحيد عن السنوات الأخيرة من حياة فيكو. (2) بداية التفكير التاريخي في القرن الثامن عشر
يعرف القرن الثامن عشر بأنه عصر التنوير وسيادة فلسفة عقلية تجريبية تتخذ من الميتافيزيقا والدين موقفا نقديا حرا، وتهتم بالرياضة والفلك والطبيعة والكيمياء والتاريخ الطبيعي والجغرافيا والطب، فلسفة تؤمن بالتقدم وتسعى إلى التجديد في كل شيء، تحدوها ثقة مطلقة في العقل ويدور التفكير فيها حول الإنسان؛ ولهذا كان الاهتمام بالتاريخ في هذا القرن مظهرا من مظاهر الاهتمام بالإنسان.
10
وتعد سيطرة النزعة الإنسانية في هذا القرن رد فعل لما ساد أوروبا في العصور الوسطى من سيطرة الكنيسة وقتلها روح الاجتهاد بنظرتها للإنسان كمخلوق ضعيف وتسليمها بعجز العقل البشري وضعف الإرادة الإنسانية مما جعل الإنسان بحاجة إلى عقل أسمى من عقله وإرادة أقوى من إرادته ألا وهما العقل الإلهي والإرادة الإلهية التي تسير التاريخ البشري. كانت إحدى النتائج المترتبة على هذا التفكير، كما يقول كولنجوود
11 (1889-1943م) في كتابه «فكرة التاريخ»، أن المؤرخين زعموا بأن في مقدورهم التنبؤ بالمستقبل وأنهم انصرفوا إلى البحث عن جوهر التاريخ خارج نطاق التاريخ نفسه، وبذلك انصرفوا عن أعمال الإنسان للبحث عن الخطة التي رسمتها المقادير لتوجيه أحداث التاريخ.
هكذا كانت المشكلة الرئيسية التي عرض لها التفكير في ذلك الوقت تتعلق بفلسفة الأديان، فتناولت الصلة بين الله والإنسان، وانتشر التفسير الديني الذي ساد فيه الإيمان على العقل، كما يقول القديس أنسلم (1033-1109م): «أنا لا أعقل لأومن وإنما أومن لأعقل.» وبذلك جعل العقل تابعا للإيمان يسبح بتعاليمه ولا يجد منه مخرجا، ويجعل نفسه حبيس الحدود الدينية.
12
ولما جاء القرن السادس عشر انصرف الفكر إلى وضع أسس العلوم الطبيعية، وكان الموضوع الرئيسي الذي عرضت له الفلسفة هو العلاقة بين العقل الإنساني، بوصفه أداة التفكير، وبين الكون المادي من حوله بوصفه موضوع التفكير؛ ومن ثم جاء التفكير التاريخي - على الرغم من الاهتمام بالماضي والتراث - تفكيرا بدائيا ضعيفا من حيث النقد والتحليل فلم يستهدف الدراسة العلمية الدقيقة للحقائق التاريخية، حتى جاء القرن الثامن عشر فبدأ الاهتمام بدراسة التاريخ على أسس من النقد والتحليل ولم تكن حركة الاستنارة، كما قال كولنجوود،
Page inconnue