Philosophie du plaisir et de la douleur
فلسفة اللذة والألم
Genres
يقول بأن «اللذة» الروحية - أي التي لا تختص إلا بالروح - تكيفها الذاكرة، غير أن مرمى «الذاكرة» لا يقتصر على تلك الآثار التي تؤثر في الأجسام وحدها، والتي تنمحي قبل أن تتصل بالروح، وإذن فلا بد من أن يتزود المرمى أو الهدف أو الغرض الذي تتحول نحوه الذاكرة بتلك «الخلجات» التي تتمشى خلال البدن والروح معا، والتي نسميها الأحاسيس، فإن هذه الأحاسيس تخزنها الذاكرة، وهذه الذكريات
Recollections
هي النبع الحقيقي الذي يفيض علينا باللذائذ الروحية؛ أي النفسية ، التي يميزها أفلاطون من اللذائذ التي تقوم على الرغبات، ولا ينكر أفلاطون مع هذا أن عنصرا نفسيا؛ أي روحيا، إنما يتغلغل في صميم الرغبات والميول الإنسانية، هو عنصر الترقب (الأمل والرجاء وما إليهما) ويقوم أصلا على الذاكرة من طريق علاقته بالشيء المرتقب، أو «المرغوب فيه»، ومن هنا تنتج اللذة، أو يحدث الألم بنسبة الأمل أو اليأس من الحصول على الرغبات أو الشك في الحصول عليها، ومع هذا فإن في الرغبات عنصرا أصيلا من عناصر الألم، لا فرار منه بحال من الأحوال.
ومن هنا يصل أفلاطون إلى الكلام في اللذائذ الحقيقية واللذائذ الخيالية، فتستقوى فيه روح الأديب الشاعر على روح العالم المتزن الذي عهدته في المقررات السابقة، فيقول بأن اللذائذ والآلام الخيالية إنما تأنسها في الأحلام، وهذه المفارقة لا يجب أن تنتزع منها روح التقدير السامي لتحليل أفلاطون الرائع حقيقة اللذة والألم.
والمحصل أننا لم نستطرد في هذا إلا لنظهر إلى أي حد بلغ تأثير المذهب القوريني في عصر أفلاطون وأرسطوطاليس، وإلى أي مدى تغلغل في أفكار العظماء.
أرسطبس وأفلاطون في كتابه «غورغياس»
لم تكثر الأوهام في كتاب من كتب أفلاطون، كما كثرت في كتاب «غورغياس»، وهذا على قدر ما أستطيع أن أحكم من دراسة أولية لهذا الكتاب، غير أن الذي يهمني الرجوع إليه في هذا الموطن وهمان، حاول أفلاطون أن ينقض بهما النظرية الهيدونية.
أما الوهم الأول فقول أفلاطون: إن اللذة ينبغي أن لا تعد من الخيرات أو من الأشياء الطيبة؛ لأنها إذا عدت من الخيرات أو من الطيبات إذن لوجب أن يكون للأخيار منها أكبر نصيب؛ لأن وسمهم بالخير، إنما يكون لأنهم يساهمون في الخيرات.
وأما الوهم الثاني: فيرجع إلى الطريقة التي حاول أن يدلل بها على الوهم الأول، فقد ذهب في هذا التدليل مذهب أن نصيب الرجل الطيب من اللذة أقل من نصيب الشرير، ونصيب الرجل الشجاع منها أقل من نصيب الجبان، وأن الطيبين والشجعان ينالهم من الألم أكثر مما يصيب الآخرين منه، وعلى هذا النهج يمضي أفلاطون في هذا الموضع من الحوار فيجري في الأكثر على طريقة خطابية تؤدي إلى ضعف بين في أسلوب البرهنة الذي اتبعه لينقض الهيدونية.
أما ما يستلفت نظر الباحث في كل هذا؛ فحقيقة أن عقول الفلاسفة كانت قد اتجهت في ذلك العصر إلى وزن الهيدونية وتقويمها من كل نواحيها، وفي هذا دليل أوفى على ما كان لها من أثر وشأن في مذاهب الفلسفة القديمة.
Page inconnue