Philosophie du plaisir et de la douleur
فلسفة اللذة والألم
Genres
على أننا لا نعدم الشروح، ففي «موسوعة الدين والآداب» (ج4، ص383) نقع على شرح جاء فيه:
إن «الحركة اللطيفة» التي عناها القورينيون، ووضعوا بها حدا للذة المرغوب فيها، لا تخرج عن أنها حركة «ما» ولكنها حركة البحر الهادئ الذي لا ينبغي أن ننبه فيها ما يجعلها عاصفة، على أن الظروف قد تحول بين الرجل العاقل وبين بلوغ هذا الغرض دائما، ذلك في حين أن الرجل العاقل (الحكيم) يكون أقدر من غيره على معالجة هذه الحالة، بحيث ينال من لذائذها، ويتقي من عواصفها؛ أكثر من أي شخص آخر.
ولقد عرف أن أرسطبس كان قادرا على أن يستعلي بسهولة على كل الظروف مهما كانت طبيعتها أسعيدة أم شقية، نعيمة أم بائسة. وللشاعر «هوراس» بيت من الشعر يقول فيه: «سعيد في الحاضر، ولكنه يتطلع إلى أشياء أعظم وحالات أسعد»
وهذا أقوم ما توصف به الفلسفة القورينية في أسمى مراتبها، ويدرك الإنسان هذه الحركة اللطيفة بقياسها على الحركات العنيفة، تلك التي نصرف عليها اصطلاح «الألم»، ولا جرم أن أرسطبس لم يتبع في أسلوبه هذا طريق «الملاحظة» يوجهها إلى النواميس الطبيعية الصرفة، ذلك بأن الأطفال والحيوانات، التي كثيرا ما أشار إليها فيما كتب، تحاول الحصول على اللذات المحترة كما تحاول الحصول على اللذات الهادئة اللطيفة، إن لم يكن ميلها إلى الأولى أشد منه إلى الثانية.
ألا يصح أن تكون قصر فترات اللذة الجامحة، أو تخالط الألم واللذة ذلك التخالط الذي يحدث دائما من إلحاح الحاجة والرغبات والشهوات، أو أن يكون امتزاج العنصرين، وملابسة بعضهما لبعض؛ قد أثر جماعها في حكمه الفلسفي وفي اختياره؟
إن لدينا من الاعتبارات ما نؤيد به هذا الاحتمال. (12) المفاضلة بين اللذات
لست تجد من شيء بعد عن طريقة التفكير التي عكف عليها أرسطبس بقدر ما بعد عنها الاستبداد الذي يلازم الأحكام التي تمليها السلطة، في أيما متجه اتجهت، وفي أية صورة ظهرت، ولكن الحكم بأن «اللذات اللطيفة» هي دون غيرها اللذات المنشودة، أمر ينابذ هذا الأسلوب، فإن الحكم الفلسفي الذي يجعل ضربا من اللذة محدودا بحدود عقلية، لا بحدود طبيعية هو القدر الذي يجب أن تجرعه الطبيعة البشرية؛ أمر لا يتفق مع الأسلوب الذي جرى عليه تفكير أرسطبس.
وإنما نفهم أسلوب أرسطبس في إصداره هذا الحكم الشامل، إذا عرفنا أن الطريقة التي جرى عليها تفكيره في هذه الناحية إنما هي طريقة «التفضيل»، فهو يفضل «اللذات اللطيفة» ويدعو إليها ويجعل الحصول عليها أساس السلوك في فلسفته.
وقد تقع على قاعدة عقلية يقيم عليها أرسطبس أساس تفضيله هذا، فقد عزي إليه قوله: «إن لذة ما، لا تختلف عن غيرها من اللذات.» وهذه الفقرة على غموضها يمكن تفسيرها تفسيرا ينطبق مع مرمى فلسفته، والأسلوب الذي عكف عليه في التعبير عنها.
ذلك بأنه لا ينكر الفوارق الكمية
Page inconnue