La Philosophie du Coran
الفلسفة القرآنية
Genres
فكان تعدد الزوجات مباحا في الأديان الكتابية جميعا، ولم يحرم - حين حرم - إكبارا للمرأة، وتنزيها لها عن قبول المشاركة في زوجها، بل كانت الفكرة الأولى في تحريمه أن المرأة شر يكتفى منه بأقل ما يستطاع! •••
ومن المحقق أن الشريعة الصالحة للزواج هي الشريعة التي تراعى فيها حقيقة الزواج في جميع حالاته الواقعة أو التي تحتمل الوقوع.
فليس الزواج علاقة جسدية بين حيوانين.
وليس الزواج علاقة روحية بين ملكين.
ولكنه علاقة إنسانية في المجتمع بين الذكور والإناث من البشر الذين يزاولون المعاش ويتمرسون بضرورة دنياهم صباح مساء.
ولم يستطع خيال الشعراء في أبعد سبحاته أن يجعل من الزواج علاقة شعرية - رمانتيكية - تدوم بين الزوجين مدى الحياة على سنة الوفاء والقداسة التي نتخيلها للملائكة والأرواح العلوية، فهذه حالات يتمناها الناس، ويحلمون بها، ويصورونها لأنفسهم في عالم الخيال، ولكن الشرائع لا توضع للأماني والأحلام؛ بل للوقائع والمحسوسات، وتلاحظ فيها أكثر الوقائع والمحسوسات لا أقلها وأندرها بين النزر القليل الذي لا يقاس عليه.
واتفاق الزوجين على الوفاء والعشرة الدائمة كمال روحاني مفضل على العلاقة بين رجل واحد وعدة زوجات، ولكن الكمال الروحاني لا يفرض بقوة القانون ... وليس الفضل فيه أن يكتفي الرجل بزوجة واحدة؛ لأنه لا يستطيع التزوج من اثنتين أو ثلاث، وإنما الفضل فيه أنه يستطيع ولا يفعل، وأنه يمتنع عنه؛ لأن سعادته الروحية في الامتناع عنه باختياره، فإذا حدثت وحدة الزوجة كرها فلا فرق في هذه الحالة بين الوحدة والتعدد ، وقد يتصل الرجل بأكثر من امرأة واحدة وهو مقصور على زوجة واحدة، فيضيف نقض الشريعة إلى نقض الآداب الروحية، ولا يستفيد هو ولا الزوجة ولا المجتمع من هذا الرياء.
والطرف الثاني لهذه المبالغة في تنزيه الزواج هو طرف العلاقة الحيوانية التي لا يرتبط فيها الزوجان بأكثر من العلاقة بين ذكر الحيوان وأنثاه، بل يكون فيها الزواج أحيانا أهون شأنا من علاقة الذكور والإناث عند بعض الأحياء؛ لأن بعض الأحياء تكون عندهم المودة بين الذكر والأنثى، وتبلغ حد التلازم في أكثر من موسم واحد من مواسم التناسل، فهي أفضل من العلاقة التي تنفصم في كل ساعة إذا خطر لأحد الزوجين أن يفصمها منقادا لهواه، وهذه هي شريعة الزواج في رأي الشيوعيين أو الماركسيين ... وهم الذين يتناقضون في هذه الشريعة بين إطلاق الحرية لأهواء الفرد العارضة على الرغم من المصلحة النوعية، وبين تغليب مصلحة الجماعة على جميع أهواء الآحاد، وهو أساس الشيوعية وأساس المذاهب الاشتراكية جمعاء.
فمن إنكار الواقع والمصلحة أن نجعل الزواج علاقة بين ملكين.
ومن إنكار الواقع والمصلحة أن نجعله علاقة بين حيوانين.
Page inconnue