La Philosophie du Coran
الفلسفة القرآنية
Genres
إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ،
2
ولا شيء أقمن بالنهي عنهما من الشعور بوزرهما كلما تمرست النفس بالدنيا بضع ساعات من ليل أو نهار. •••
والزكاة مصلحة للجماعة؛ لأنها تقيم دعائم التعاون بين المجدودين والمحرومين، وتعالج مشكلة الفقر والحاجة علاجا يقوم على التعاطف والولاء بين من يعول ومن يعال، وهي إلى هذا رياضة للنفس يأخذ منها الواهب كما يأخذ الموهوب؛ لأنها تعودها نبل التضحية بالمال العزيز على النفوس، وتعلمها مغالبة الحرص والسماح بالبذل والإيثار، وتلقي في روعها أنها مسئولة عن غيرها فيما تكسبه بسعيها وتدبيرها، فتشعر بتكافل الجماعة شعورا يخرجها من ضيق الأثرة والانفراد. •••
والحج «مؤتمر عالمي» يعقده المسلمون مرة في موعده المعلوم من كل عام، يجتمعون فيه إلى صعيد واحد، فيتعارفون ويتشاورون، ويفضي بعضهم إلى بعض بما يعلمون من أحوالهم وما يشكون من متاعبهم ورزاياهم، ويستعيدون ماضيهم كرة بعد كرة، فلا يصبرون طويلا على حاضر دون ذلك الماضي العظيم، ونعم العمل المشترك عمل لا ينقطع عاما من الأعوام، ولا يزال حافزا للهمم باعثا للذكرى كلما تجدد على مر السنين.
أما الفرد فله من الحج رياضة على المشقة ومنشط من طول اللبث والجمام، وعلم بما يجهله المقيم في مكانه، وهو علم يستفاد من السياحة ولا يستفاد من غيرها، ويحث عليه القرآن الكريم؛ لأنه يفتح البصائر والقلوب، ويقشع عمى الأبصار، وحجاب الأسماع:
أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور .
3
والصيام في مظهره الاجتماعي يعطينا مظهر أسرة عظيمة - من مئات الملايين - تنتشر في جوانب الأرض وتقترن شعائرها الدينية كل يوم بأمس ما يحس الإنسان في معيشته اليومية؛ وهو أمر الطعام والشراب ومتع الأجساد؛ ملايين من الناس في جوانب الأرض يطعمون على نظام واحد ويمسكون عن الطعام على نظام واحد، ويستقبلون ربهم على نظام واحد، وقلما انتظمت أسرة بين جدران بيت على مثل هذا النظام.
أما الفرد فيستفيد منه خير ما يستفيده الإنسان في حياته الروحية أو حياته الخلقية؛ وهو ضبط النفس وشحذ عزيمتها وقدرتها على الفكاك من أسر العادات وتطويع الجسد لدواعي العقل والروح.
Page inconnue