ها قد دهتك فنون ... من المصائب غرب [١]
فانهض بعزم وإلّا ... غشاك ويل وحرب
كسر وهتك [٢] وأسر ... ضرب ونهب وسلب
(مجتثّ) وفي ذلك يقول بعض شعراء الدولة المستعصميّة، من قصيدة أوّلها:
يا سائلي ولمحض الحقّ يرتاد ... أصخ فعندي نشدان وإنشاد
وا ضيعة الناس والدّين الحنيف وما ... تلقاه من حادثات الدّهر بغداد
هتك وقتل وأحداث يشيب بها ... رأس الوليد وتعذيب وأصفاد [٣]
(بسيط) كلّ ذلك وهو عاكف على سماع الأغاني، واستماع المثالث والمثاني [٤] وملكه قد أصبح واهي المباني.
ومما اشتهر عنه: أنه كتب إلى بدر الدين لؤلؤ [٥] صاحب الموصل، يطلب منه جماعة من ذوي الطّرب، وفي تلك الحال وصل رسول السلطان هولاكو إليه، يطلب منه منجنيقات وآلات الحصار، فقال بدر الدين: انظروا إلى المطلوبين، وابكوا على الإسلام وأهله! وبلغني أن الوزير مؤيّد الدين محمّد بن العلقميّ [٦]، كان في أواخر الدولة المستعصمية ينشد دائما:
كيف يرجى الصلاح من أمر قوم ... ضيّعوا الحزم فيه أيّ ضياع
فمطاع المقال غير سديد ... وسديد المقال غير مطاع
(خفيف)
_________
[١] غرب: هنا، كثيرة دافقة.
[٢] الهتك: فضح الأعراض والأستار.
[٣] الأصفاد: القيود والسلاسل.
[٤] المثالث والمثاني: من مجالس الغناء أو منظوماتها المغنّاة.
[٥] بدر الدين لؤلؤ: أتابك الموصل في زمان المستعصم آخر خلفاء بني العباس في بغداد.
[٦] هو وزير المستعصم، استبقاه هولاكو بعد فتح بغداد، وكان حكيما أريبا.
1 / 52