Fajjala autrefois et aujourd'hui
الفجالة قديما وحديثا
Genres
وقال في حوادث شهر شوال سنة 1214 عند ذكر ما جرى بين الفرنسويين والعثمانيين في القاهرة: «... وعملوا - الفرنسويون - فتائل مغمسة بالزيت والقطران وكعكات غليظة ملوية على أعناقهم، معمولة بالنفط والمياه المصنوعة المقطرة التي تشتعل ويقوى لهبها بالماء، وكان معظم كبستهم من ناحية باب الحديد، وكوم أبي الريش، وجهة بركة الرطلي، وقنطرة الحاجب، وجهة الحسينية، والرميلة، فكانوا يرمون المدافع والبنبات من قلعة جامع الظاهر وقلعة قنطرة الليمون ويهجمون أيضا، وأمامهم المدافع، وطائفة خلفهم بواردة يقال لهم السلطات يرمون بالبندق المتتابع، وطائفة بأيديهم الفتائل والكعكات المشتعلة بالنيران يلهبون بها السقائف، وضرف الحوانيت، وشبابيك الدور، ويزحفون على هذه الصورة شيئا فشيئا ...»
إلى أن قال: «... فدخلوا من ناحية باب الحديد وناحية كوم أبي الريش وقنطرة الحاجب وتلك النواحي وهم يحرقون بالفتائل والنيران الموقدة، ويملكون المتاريس، إلى أن وصلوا من ناحية قنطرة الخروبي، وناحية باب الحديد إلى قرب باب الشعرية، وكان شاهين أغا هناك عند المتاريس، فأصابته جراحة (كذا)، فقام من مكانه، ورجع القهقرى فعند رجوعه وقعت الهزيمة، ورجع الناس يدوسون بعضهم البعض، وملك الفرنساوية كوم أبي الريش ...»
وقال في تلخيصه لحوادث سنة 1215ه/1800م: «... وانقضت هذه السنة بحوادثها وما حصل فيها، فمنها توالي الهدم والخراب وتغيير المعالم ... واتصل هدم خارج باب النصر بخارج باب الفتوح، وباب القوس إلى باب الحديد، حتى بقي ذلك كله خرابا متصلا، وبقي سور المدينة الأصلي ظاهرا مكشوفا، فعمروه ورموا ما تشعب منه، وأوصلوا بعضه ببعض بالبناء، ورفعوا بنيانه في العلو، وعملوا عند كل باب كرانك وبدنات عظاما وأبو ابا داخلة وخارجة وأخشابا مغروسة بالأرض مشبكة بكيفية مخصوصة، وركزوا عند كل باب عدة من العسكر مقيمين وملازمين ليلا ونهارا ... ومنها - من حوادث السنة - قطعهم الأشجار والنخيل من جميع البساتين والجنائن خارج باب الحسينية، وبساتين بركة الرطلي، وأرض الطبالة.» (3) إجمال لعلي باشا مبارك
ووصف المرحوم علي باشا مبارك حالة الفجالة في عصر الفرنسويين بقوله: «... وقبل مجيء الفرنسوية كانت أرض الفجالة صعبة يعسر المرور بها، ثم لما دخلت الفرنسوية أرض مصر ونظمت بعض الجهات، نظمت هذا الشارع وجعلته ممتدا من قنطرة باب الحديد إلى قنطرة العدوي.» (4) آثار الفرنسويين في الفجالة
ومن هذا الإجمال يتبين أن الفرنسويين هم أول من نظم شارع الفجالة، ويعتقد البعض خطأ أن السور الباقية آثاره بين شارع الفجالة البراني وباب البحر هو سور قراقوش، والحقيقة أنه من صنع الحملة الفرنسوية، حدثني الباحث المدقق يوسف أفندي أحمد المفتش في لجنة الآثار العربية، قال: إن سور قراقوش كان عرضه 3 أمتار و60 سنتيا، وهو ينتهي الآن بحصن واقع في مخبز بباب الشعرية، وقد استولت لجنة الآثار على هذا المخبز احتفاظا بالأثر الذي فيه، أما السور الفرنسوي فإن عرضه لا يتجاوز 60 سنتيا، والفرق ظاهر في بناء السورين ونوع المونة المشيد بها كل منهما.
ومما يذكرنا بأعمال الفرنسويين في الفجالة «شارع البرج»، الذي يسميه الأهالي «شرم الفجالة»؛ إشارة إلى اختراق السور، وهذا البرج هو أحد الاستحكامات التي أقامها الفرنسويون في ظاهر البلد . (5) حي أعيان الأقباط في الفجالة (5-1) عائلة تادرس أفندي عريان
وكانت الفجالة في أول عهد محمد علي باشا، مؤسس العائلة السلطانية، أرضا زراعية، ولم يكن أحد يستطيع اجتيازها بعد الغروب، فلما اتخذ عباس باشا الأول حي العباسية مقرا له، وكثر عدد قاصديها عن طريق الفجالة، وزاد عمرانها إنشاء سكة الحديد، وقرب المحطة منها.
وكان أول من أنشأ دارا في الفجالة المرحوم تادرس أفندي عريان الخناني ابن المرحوم عريان إسحق الوزان، وكان من أعيان الأقباط في أيامه، خدم الحكومة زمنا، ثم اقتصر على العمل في أرزاقه الخاصة، والدار التي بناها لا تزال قائمة حتى اليوم في آخر شارع قصر اللؤلؤة بين مدرسة الآباء اليسوعيين وكوم الريش، ثم بنى دارا داخلية سكنها أولاده؛ وهم: المرحوم عريان بك باشكاتب المالية، وسيدهم أفندي، وكركور أفندي، وباسيلي باشا الذي كان مستشارا في الاستئناف الأهلي، وقد ترك أملاك أبيه، وابتنى قصرا في شارع الظاهر على ناصية شارع كنيسة الروم الكاثوليك، وتوفي أثناء تدوين هذه الرسالة (يوم السبت 7 ديسمبر سنة 1918). (5-2) بيوت جاد شيحة وأولاده
وممن عاصروا المرحوم تادرس أفندي عريان في السكنى بالفجالة المرحوم جاد أفندي شيحة، وكان أيضا من الأعيان، تقلب في الوظائف الأميرية من أيام محمد علي، وكان في آخر أيامه معاونا في دائرة عباس باشا، وكانت له دار وسيعة الرحاب واقعة بين الدرب الإبراهيمي والجبروني - في مدخل شارع كلوت بك من جهة المحطة - ولا تزال هناك عطفة باسمه هي عطفة شيحة، فابتاع فدانا من أرض الفجالة منذ 80 سنة، وشيد فيه دارا صغيرة لا تزال باقية إلى اليوم - رقم 14 شارع بستان الكافوري - ويسكنها حفيده لبنته صاحب العزة حبشي بك مفتاح.
وكان جاد أفندي شيحة متخذا هذه الدار منتزها يقضي فيه مع عائلته فترات قصيرة، ثم بنى دارا صغيرة أخرى، فلما شب أولاد الثلاثة؛ وهم واصف ودميان وميخائيل، أعجبوا بالفجالة وأحبوا السكنى فيها، خصوصا بعد أن أنعم سعيد باشا على دميان بك جاد بفدانين من الأرض مجاورين لدار أبيه جاد شيحة.
Page inconnue