وأما وظائف التأدية والتبليغ فمنها: تحرّي الصّدق، وتوقّي التّدليس في الرواية، والتزيّن بزينة التّقوى، والتباعد عن التّساهل (١) في الأمور، لئلا تنفر نفوس طلبة الحديث عنه ويزهدوا (٢) في الحمل عنه، فيكون ذلك / سببا لتعطيل نقل حديث (٣) رسول الله ﷺ. ومنها: تحريض الطالب وترغيبه في العلم، وإلانة الجانب له وترك البخل عليه بالفوائد، وأن يكون على الإفادة أرغب من الطالب في الاستفادة. ومنها: أن يتحرّى نقل الحديث باللّفظ الذي سمعه، وأن يروي الكتاب كما عرضه على الشيخ من غير زيادة ولا نقصان، ولا تبديل لفظ بلفظ آخر.
وقد اختلف أهل الأصول في نقل الحديث على المعنى؛ فمنعه قوم، وحجّتهم قوله ﷺ: «فأدّاها كما سمعها» في الحديث الذي تقدّم؛ وقوله ﷺ في الحديث الثاني: «من حفظ على أمّتي أربعين حديثا من السّنة حتى يؤدّيها إليهم كما سمعها، كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة»، حدّثنا به أبو محمد بن عتّاب وغير واحد، قالوا: حدثنا أبو عمر بن عبد البرّ، قال: حدثنا أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن عليّ الباجيّ، قال: حدثنا أبو القاسم مسلمة بن القاسم إملاء من حفظه، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق بن حجر بعسقلان، قال: حدثنا أبو أحمد حميد بن مخلد بن زنجوية، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «من حفظ على أمّتي أربعين حديثا من السّنة حتى يؤدّيها إليهم كما سمعها، كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة» (٤).
_________
(١) في الأصل: «التاساهل».
(٢) في الأصل: «ويزهدون».
(٣) في الأصل: «الحديث».
(٤) موضوع، وآفته يعقوب بن إسحاق بن حجر العسقلاني الكذاب، قال الذهبي: كذاب فإنه قال: حدثنا حميد بن زنجوية (ثم ذكر هذا الحديث) الميزان ٤/ ٤٤٩.
1 / 46