شرح الأربعين النووية للعثيمين
شرح الأربعين النووية للعثيمين
Maison d'édition
دار الثريا للنشر
Genres
وجوابنا على هذا أن نقول: لو أعطيت النصوص حقها لقلت خلق الله آدم على صورة الله، لكن ليس كمثل الله شيء.
فإن قال قائل: اضربوا لنا مثلًا نقتنع به، أن الشيء يكون على صورة الشيء وليس مماثلًا له؟
والجواب نقول: ثبت عن النبي ﷺ أنه قال إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُوْرَةِ القَمَرِ لَيْلَةِ البَدْرِ ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلوُنَهُمْ عَلَى أَضْوَءِ كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ (١) فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه أو تعتقد أنهم على صورة البشر لكن في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه وما أشبه ذلك على صورة القمر، لامن كل وجه، فإن قلت بالأول فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم أفواه، وإن قلت بالثاني؛ زال الإشكال وثبت أنه لايلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلًا له من كل وجه.
فالمهم أن باب الصفات بابٌ عظيمٌ، خطره جسيم، ولايمكن أن ينفك الإنسان من الورطات والهلكات التي يقع فيها إلا باتباع السلف الصالح، أثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه، وانْفِ مانفى الله عن نفسه، فتستريح.
هل تبحث في أمر يكون البحث فيه تعمّقًا وتنطّعًا؟
الجواب: لا تبحث.
وقد سُئِل الإمام مالك ﵀ عن قول الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ... (طه: ٥) كيف استوى؟
فأطرق ﵀ برأسه وجعل يتصبب عرقًا من ثقل ما ألقي عليه وتعظيمه
_________
(١) - أخرجه البخاري- كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، (٣٢٤٦) زومسلم - كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، (٢٨٣٤)
1 / 37