146

شرح العقيدة الواسطية للهراس

شرح العقيدة الواسطية للهراس

Maison d'édition

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤١٥ هـ

Lieu d'édition

الخبر

Genres

ـ[بِرَاحِلَتِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١» .]ـ
/ش/ قَوْلُهُ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا ...» إلخ؛ تَتِمَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ؛ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ:
«لَلَّهُ أشدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ دويَّة مَهْلَكَةٍ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَزَلَ عَنْهَا، فَنَامَ وَرَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَذَهَبَ فِي طَلَبِهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَرْجِعَنَّ فَلَأَمُوتَنَّ حَيْثُ كَانَ رَحْلِي، فَرَجَعَ، فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ: اللهمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ» (٢) .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِثْبَاتُ صِفَةِ الْفَرَحِ لِلَّهِ ﷿، وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الصِّفَاتِ: أَنَّهُ صِفَةٌ حَقِيقَةٌ لِلَّهِ ﷿، عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ التَّابِعَةِ لِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ، فيَحْدُث لَهُ هَذَا الْمَعْنَى المعبَّر عَنْهُ بِالْفَرَحِ عِنْدَمَا يُحدِثُ عبدُه التوبةَ والإنابةَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مستلزمٌ لِرِضَاهُ عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ، وَقَبُولِهِ تَوْبَتَهُ.
وَإِذَا كَانَ الْفَرَحُ فِي الْمَخْلُوقِ عَلَى أَنْوَاعٍ؛ فَقَدْ يَكُونُ فَرَحَ خِفَّةٍ وَسُرُورٍ وَطَرَبٍ، وَقَدْ يَكُونُ فَرَحَ أشرٍ وبطرٍ؛ فَاللَّهُ ﷿ منزَّه عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، ففرحهُ لَا يُشْبِهُ فَرَحَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي أَسْبَابِهِ، وَلَا فِي غَايَاتِهِ،

(١) رواه البخاري في الدعوات، (باب: التوبة) (١١/١٠٢-فتح)، ومسلم في التوبة، (باب: الحضِّ على التوبة) (١٧/٦٥-نووي)، والترمذي في صفة القيامة، (باب: المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه)؛ بألفاظ مختلفة.
(٢) تقدم تخريجه آنفًا.

1 / 166