شرح العقيدة الواسطية للهراس
شرح العقيدة الواسطية للهراس
Maison d'édition
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤١٥ هـ
Lieu d'édition
الخبر
Genres
وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ النُّزُولَ صِفَةٌ لِلَّهِ ﷿ عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، فَهُوَ لَا يُمَاثِلُ نُزُولَ الْخَلْقِ؛ كَمَا أَنَّ اسْتِوَاءَهُ لَا يُمَاثِلُ اسْتِوَاءَ الْخَلْقِ.
يَقُولُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ﵀ فِي تَفْسِيرِهِ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ:
«فالربُّ سُبْحَانَهُ إِذَا وَصَفَهُ رَسُولُهُ بِأَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ، وَأَنَّهُ يَدْنُو عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إِلَى الْحُجَّاجِ، وَأَنَّهُ كلَّم مُوسَى بِالْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَّهُ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دخانٌ، فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا؛ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَفْعَالُ مِنْ جِنْسِ مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ نُزُولِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ الْمَشْهُودَةِ حَتَّى يُقال: ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَفْرِيغَ مَكَانٍ وَشَغْلَ آخَرَ» (١) .
فَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُؤْمِنُونَ بِالنُّزُولِ صِفَةً حَقِيقِيَّةً لِلَّهِ ﷿، عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَشَاءُ، فَيُثْبِتُونَ النُّزُولَ كَمَا يُثْبِتُونَ جَمِيعَ الصِّفَاتِ الَّتِي ثَبَتَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيَقِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَا يكيِّفون وَلَا يمثِّلون وَلَا يَنْفُونَ وَلَا يعطِّلون، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الرَّسُولَ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ يَنْزِلُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُخْبِرْنَا كَيْفَ يَنْزِلُ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ فعَّال لِمَا يُرِيدُ، وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَلِهَذَا تَرَى خواصَّ الْمُؤْمِنِينَ يتعرَّضون فِي هَذَا الْوَقْتِ الْجَلِيلِ لِأَلْطَافِ رَبِّهِمْ وَمَوَاهِبِهِ، فَيَقُومُونَ لِعُبُودِيَّتِهِ؛ خَاضِعِينَ خَاشِعِينَ، دَاعِينَ متضرِّعين، يَرْجُونَ مِنْهُ حُصُولَ مَطَالِبِهِمُ الَّتِي وَعَدَهُمْ بِهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ﷺ.
ـ[(وَقَوْلُهُ ﷺ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ التَّائِبِ مِنْ أَحَدِكُمْ]ـ
(١) انظر: «دقائق التفسير» (٦/٤٢٤) .
1 / 165