132

Encyclopedia of Heart Jurisprudence

موسوعة فقه القلوب

Maison d'édition

بيت الأفكار الدولية

Genres

الرحمن فقال: ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)﴾ [الرحمن: ١ - ٤]. وجعل سبحانه معاني السورة كلها مرتبطة بهذا الاسم، وختمها بقوله: ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٧٨)﴾ [الرحمن: ٧٨]. فالاسم الذي تبارك هو الاسم الذي افتتح به السورة .. إذ مجيء البركة كلها منه .. وبه وضعت البركة في كل مبارك .. فكل ما ذكر عليه بورك فيه .. وكل ما أخلي عنه نزعت منه البركة. ورحمة الله ﷿ وسعت كل شيء في العالم العلوي وفي العالم السفلي، ووسعت البر والفاجر، والمسلم والكافر، فما من أحد إلا وهو يتقلب في رحمة الله تعالى آناء الليل وآناء النهار، ولكن للمؤمنين الرحمة الخاصة بهم، فلهم الرحمة المطلقة في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: ﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦)﴾ [الأعراف: ١٥٦]. والكافر لا رحمة له في الآخرة، أما في الدنيا فرحمةالله عامة لجميع الخلائق. والله رؤوف رحيم، أرحم بعباده من الأم بولدها. عن عمر بن الخطاب ﵁ قال: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأةٌ مِنَ السَّبْيِ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أخَذَتْهُ، فَألْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ: «أتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟». قُلْنَا: لا، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» متفق عليه (١). وبين النبي ﷺ أن رحمة الله تنال عباده الرحماء فقال: «إنَّمَا يَرْحَمُ الله مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» متفق عليه (٢).

(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٥٩٩٩) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٧٥٤). (٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٢٨٤)، واللفظ له، ومسلم برقم (٩٢٣).

1 / 138