واقترب من الموصل، والغزو التتري الذي عصف بعدد من الولايات الإسلامية الشرقية والشمالية، ثم انداح إلى عاصمة الخلافة وأسقطها سنة ٦٥٦ هـ في أسوأ مذابح شهدها التاريخ آنئذ.
وقد تولى الخلافة في هذه الفترة أربعة خلفاء عباسيون، هم: الناصر لدين الله، والظاهر بأمر الله، والمستنصر بالله، والمستعصم بالله.
أما الناصر لدين الله؛ فقد تولى الخلافة من (٥٧٥ هـ إلى ٦٢٢ هـ)، وهو أطول الخلفاء العباسيين حكمًا، يذكر المؤرخون له صفات شخصية رفيعة، منها حسن الخلق، والظرف، والاهتمام بالعلم إلى درجة الاشتغال به (^١)؛ حيث جمع عددًا من الأحاديث ورواها وأجاز بها عددًا من طلاب العلم، وأناب عنه من يجيز بها باسمه، وكان ابن النجار واحدًا ممن تلقى هذه الإجازة (^٢).
إلى جانب هذه الصفات؛ يذكر المؤرخون أنه كان سيئ السيرة، مائلًا إلى الظلم والعسف في الرعية، خربت في أيامه العراق؛ مما أحدثه من الرسوم وأخذ أموال الناس وأملاكهم، وكان يفعل الشيء وضده، وكان يرمي بالبندق، ويهوى الحمام، ويتشيع، بخلاف آبائه (^٣).
وأما الظاهر بأمر الله؛ فقد تولى الخلافة بعد أبيه الناصر (٦٢٢ - ٦٢٣ هـ)، ولكنه لم يعمر فيها سوى تسعة أشهر وبضعة أيام، حاول خلالها أن يصلح ما أفسده أبوه، فأوقف المكوس، وأعاد الأموال المصادرة، غير أن الأجل عاجله،
_________
(^١) انظر: سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٩٩، وتاريخ الخلفاء ٤٣٨ - ٤٤٩.
(^٢) انظر: سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٩٨.
(^٣) الكامل ١/ ٤٥٢، وانظر أيضًا: سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٢٠٠، وتاريخ الخلفاء، ٤٥١.
1 / 10