ولو كانت كتبي حاضرة؛ كنت أجمع كتابًا في ذلك شافيًا لما في النفس، فألحوا عليَّ، وقالوا: تحصيل اليسير خير من فوات الكثير، وهذه البلدة مع شرفها قد خلت ممن يعرف من أخبارها شيئًا، ونحن نحب أن يكون لك بها أثر صالح تذكر به.
فأجبتهم لذلك؛ رجاء لبركتهم، واغتنامًا لامتثال أمرهم، وقضاء لحق جوارهم وصحبتهم، وطلبًا لما عند الله تعالى من الثواب بنشر فضائل دار الهجرة ومنبع الوحي، وذكر أخبارها، والترغيب في سكناها، والحث على زيارة المدفون بها صلوات الله عليه وسلامه، واستخرت الله ﷾، وأثبت في هذا الكتاب ما تيسر من ذلك بعون الله وحسن توفيقه، ثم إني ذكرت أكثره بغير إسناد؛ لتعذر حضور أصولي (^١).
رحلته إلى الشام:
دخل ابن النجار الشام من مكة المكرمة في سنة ثمان وست مئة، فقرأ بدمشق على أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي (^٢)، وابي القاسم الحرستاني (^٣)، وكتب بالإجازة عن أبي المواهب الحسن بن العدل أبي البركات هبة الله بن محفوظ بن صصرى (^٤).
_________
(^١) مقدمة ابن النجار في كتابه الدرة الثمينة في أخبار المدينة.
(^٢) ولد في سنة خمس مئة وعشرين، وتوفي في دمشق سنة ست مئة وثلاث عشرة، وكان ثقة في الحديث والقراءات. معجم الأدباء ٤/ ٢٢٢، ومختصر تاريخ ابن الدبيثي، ص ١٨٥ - ١٨٦.
(^٣) هو عبد الصمد بن محمد الأنصاري الدمشقي الشافعي الحرستاني، من ذرية سعد بن عبادة ﵁، ولد سنة عشرين وخمس مئة، وتوفي سنة أربع عشرة وست مئة، مسند الشام، شيخ الإسلام، وكان إمامًا فقيهًا، ورعًا، صالحًا، محمود الأحكام. معجم البلدان ٢/ ٢٤١، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٨٠.
(^٤) ولد سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، وتوفي سنة ست وثمانين وخمس مئة، وثقه ابن الدبيثي في تاريخه، ص ١٦٧، سير أعلام النبلاء ٢١/ ٢٦٤، شذرات الذهب ٤/ ٢٨٥.
1 / 19