Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies
الدرر في اختصار المغازي والسير
Chercheur
الدكتور شوقي ضيف
Maison d'édition
دار المعارف
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٣ هـ
Lieu d'édition
القاهرة
فَظَنُّوا أَنَّ بِهِ ذَاتَ الْجَنْبِ فَلَدُّوهُ١ وَكَانَ الْعَبَّاسُ الَّذِي أَشَارَ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَفَاقَ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَ بِالْقَصَاصِ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ -وَاسْتَثْنَى الْعَبَّاسَ بِرَأْيِهِ- فَلُدَّ كُلُّ مَنْ حَضَرَ فِي الْبَيْتِ إِلا الْعَبَّاسَ٢.
وَأَوْصَاهُمْ فِي مَرَضِهِ بِثَلاثٍ: أَنْ يُجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوٍ مِمَّا كَانَ يُجِيزُهُمْ بِهِ٣ وَأَنْ لَا يَتْرُكُوا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَيْنِ، [قَالَ]: "أَخْرِجُوا مِنْهَا الْمُشْرِكِينَ. وَاللَّهَ اللَّهَ [فِي] الصَّلاةِ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ". وَقَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ".
وَقَالَ لَهُمْ: "هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا". فَاخْتَلَفُوا وَتَنَازَعُوا وَاخْتَصَمُوا، فَقَالَ: "قُومُوا عَنِّي، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي عِنْدِي تَنَازُعٌ". وَكَانَ عُمَرُ الْقَائِلَ حِينَئِذٍ: قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ وَجَعُهُ، وَرُبَّمَا صَحَّ٤، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ. فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَين رَسُول اللَّه ﷺ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ الْكِتَابَ، لاخْتِلافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ٥.
وَسَارَّ فَاطِمَةَ ﵂ فِي مَرضه ذَلِك، فَقَالَ لَهَا: "بِأَن جِبْرِيلَ كَانَ يَعْرِضُ عَلَيَّ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَرَضَهُ عَلَيَّ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَمَا أَظُنُّ أَنِّي مَيِّتٌ مِنْ مَرَضِي هَذَا" فَبَكَتْ، فَقَالَ لَهَا: "مَا يَسُرُّكِ أَنَّكِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَا عَدَا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ" فَضَحِكَتْ.
وَكَانَ يَقُولُ فِي صِحَّتِهِ: "مَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ وَيرى مَقْعَده" ٦. روته عَائِشَة.
١ لدوه: من اللد وَهُوَ وضع الدَّوَاء فِي شقي الْفَم. وَفِي ابْن سعد ج٢ ق٢ ص٣١ أَنهم لدوه بِالْعودِ الْهِنْدِيّ وبشيء من ورس وقطرات زَيْت.
٢ ذكر السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف ٢/ ٣٦٩ أَن ظَاهر كَلَام ابْن إِسْحَاق أَن الْعَبَّاس كَانَ حَاضر الرَّسُول ثمَّ يَقُول: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله قَالَ: "لَا يبْقين أحد بِالْبَيْتِ إِلَّا لد، إِلَّا عمي الْعَبَّاس فَإِنَّهُ لم يشهدكم". يَقُول السُّهيْلي: وَهَذِه أصح من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق.
٣ أَن يجيزوا: أَن يُعْطوا من الْجَائِزَة، وَهِي الْعَطِيَّة.
٤ صَحَّ: زَالَ عَنهُ الْمَرَض.
٥ قَالَ ابْن حزم فِي جَوَامِع السِّيرَة ص٢٦٤ لاشك فِي أَنه لَو كَانَ هَذَا الْكتاب من وَاجِبَات الدَّين ولوازم الشَّرِيعَة لم يثنه عَنهُ كَلَام عمر وَلَا غَيره. وَاسْتظْهر ابْن حزم أَن يكون الْكتاب الَّذِي أَرَادَ الرَّسُول كِتَابَته هُوَ استخلافه لأبي بكر لقَوْله لعَائِشَة: "لقد هَمَمْت أَن أبْعث إِلَى أَبِيك وأخيك فأكتب كتابا وأعهد عهدا لِئَلَّا يتَمَنَّى متمن أَو يَقُول قَائِل، ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر".
٦ أَي يُخَيّر بَين الْحَيَاة وَالْمَوْت وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة.
1 / 270