Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
173

Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies

الدرر في اختصار المغازي والسير

Chercheur

الدكتور شوقي ضيف

Maison d'édition

دار المعارف

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٣ هـ

Lieu d'édition

القاهرة

وَكَانَ قد أَبى أَن يدْخل فِيمَا دخل فِيهِ بَنو قُرَيْظَة وَقَالَ: لَا أغدر بِمُحَمد أبدا، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بْن مسلمة إِذْ عرفه: اللَّهُمَّ لَا تحرمني إِقَالَة عثرات الْكِرَام. فَخرج على وَجهه حَتَّى بَات فِي مَسْجِد النَّبِي ﷺ ثمَّ ذهب فَلم يُرَ بعد وَلم يعلم حَيْثُ سقط. وَذُكِرَ -لرَسُول اللَّه ﷺ أمره، فَقَالَ: "ذَلِك رجل نجاه اللَّه بوفائه". فَلَمَّا أصبح بَنو قُرَيْظَة نزلُوا على حكم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فتواثب الْأَوْس إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّه قد علمت أَنهم حلفاؤنا، وَقد شَفَّعْتَ عَبْد اللَّهِ بْن أبي بْن سلول فِي بني قينقاع١ حلفاء الْخَزْرَج، فَلَا يكن حظنا أوكس وأنقص عنْدك من حَظّ غَيرنَا، فهم موالينا. فَقَالَ لَهُم رَسُول اللَّهِ ﷺ: "يَا معشر الْأَوْس أَلا ترْضونَ أَن يحكم فيهم رجل مِنْكُم؟ " قَالُوا: بلَى، قَالَ: "فَذَلِك إِلَى سعد بْن معَاذ". وَكَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ قد ضرب لَهُ خيمة فِي الْمَسْجِد، ليعوده من قريب فِي مَرضه من جرحه الَّذِي أَصَابَهُ فِي الخَنْدَق. فَلَمَّا حَكَّمَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي بني قُرَيْظَة أَتَاهُ قومه فاحتملوه على حمَار، وَقد وطئوا لَهُ بوسادة من أَدَم وَكَانَ رجلا جسيما. ثمَّ أَقبلُوا مَعَه إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ وَأَحَاطُوا بِهِ فِي طريقهم يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَمْرو أحسن فِي [مواليك] فَإِنَّمَا ولاك رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَلِك لتحسن إِلَيْهِم، فَقَالَ لَهُم: قد آن لسعد أَن لَا تَأْخُذهُ فِي اللَّه لومة لائم. فَرجع بعض من مَعَه إِلَى ديار بني عَبْد الْأَشْهَل فنعى إِلَيْهِم رجال بني قُرَيْظَة. فَلَمَّا أطل سعد على النَّبِي ﷺ قَالَ للْأَنْصَار: "قومُوا إِلَى سيدكم" * فَقَامَ الْمُسلمُونَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرو أَن رَسُول اللَّه ﷺ قد ولاك أَمر مواليك لتَحكم فيهم، فَقَالَ سعد: عَلَيْكُم بذلك عهد اللَّه وميثاقه: أَن الحكم فيهم مَا حكمت٢؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: وعَلى من هُنَا؟ من٣ النَّاحِيَة الَّتِي فِيهَا

١ هَكَذَا فِي جَمِيع المصادر وَفِي الأَصْل ور بني النَّضِير. * قلت: وَاخْتلف فِي إِطْلَاق السَّيِّد فِي حق الْخلق فَقيل: لَا يجوز، وَجَاء فِي الحَدِيث أَنهم قَالُوا لَهُ ﵇: يَا سيدنَا، فَقَالَ: "إِنَّمَا السَّيِّد الله". وَقيل يجوز لحَدِيث سعد هَذَا. وَكَذَلِكَ اخْتلف فِي جَوَاز إِطْلَاقه فِي حق الله تَعَالَى، فَأَجَازَهُ قوم لقَوْله: "إِنَّمَا السَّيِّد الله". وَنقل عَن مَالك مَنعه وَلم يصحح سَنَد الحَدِيث الْمُتَقَدّم. وَقَالَ بَعضهم: السَّيِّد أحد مَا يُضَاف إِلَيْهِ. فَلَا تَقول لتميمي إِنَّه سيد كِنْدَة، وَإِنَّمَا سيد كِنْدَة أحدهم. قَالَ: فعلى هَذَا يحمل الْمَنْع فِي حَقه تَعَالَى إِذا أطلق، حَيْثُ لَا يجوز الدُّخُول فِي الْإِضَافَة فَلَا تَقول: الله سيد النَّاس. وَيجوز أَن تَقول الله سيد الأرباب وَسيد الكرماء! وَالله أعلم. ٢ هَكَذَا فِي ر وَابْن هِشَام، وَفِي الأَصْل: أَن أحكم فيهم مَا حكمت. ٣ فِي ابْن هِشَام: فِي.

1 / 180