Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies
الدرر في اختصار المغازي والسير
Chercheur
الدكتور شوقي ضيف
Maison d'édition
دار المعارف
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٣ هـ
Lieu d'édition
القاهرة
غَزْوَة ١ بني قُرَيْظَة
فَخرج الْمُسلمُونَ مبادرين إِلَى بني قُرَيْظَة، فطائفة خَافُوا فَوَات الْوَقْت فصلوا وَطَائِفَة قَالُوا: وَالله لَا صلينَا الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة، فبذلك أمرنَا رَسُول اللَّه ﷺ. ثمَّ علم ﷺ باجتهادهم، فَلم يعنف وَاحِدًا مِنْهُم*.
وَأعْطى رَسُول اللَّهِ ﷺ الرَّايَة عَليّ بْن أبي طَالب، واستخلف على الْمَدِينَة ابْن أم مَكْتُوم. ونهض عَليّ وَطَائِفَة مَعَه حَتَّى أَتَوا بني قُرَيْظَة ونازلوهم وسمعوا سبّ رَسُول الله فَانْصَرف عَليّ إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول اللَّه لَا تبلغ إِلَيْهِم وَعَرَّضَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ: "أَظُنُّكَ سَمِعْتَ مِنْهُمْ شَتْمِي، لَوْ رَأَوْنِي لَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ". ونهض إِلَيْهِم، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَمْسكُوا، فَقَالَ لَهُم: "نقضتم الْعَهْد يَا إخْوَة القرود، أخزاكم اللَّه وَأنزل بكم نقمته"، فَقَالُوا: مَا كنت جَاهِلا يَا مُحَمَّد فَلَا تجْهَل٢ علينا.
وَنزل رَسُول اللَّه ﷺ فَحَاصَرَهُمْ بضعا٣ وَعشْرين لَيْلَة، وَعرض عَلَيْهِم سيدهم كَعْب بْن أَسد ثَلَاث خِصَال ليختاروا أَيهَا شَاءُوا: إِمَّا أَن يسلمُوا ويتبعوا مُحَمَّدًا على مَا جَاءَ بِهِ فيسلموا، قَالَ: وتحرزوا أَمْوَالكُم ونساءكم وأبناءكم فوَاللَّه إِنَّكُم لتعلمون أَنه الَّذِي تجدونه فِي كتابكُمْ. وَإِمَّا أَن يقتلُوا أَبْنَاءَهُم ونساءهم ثمَّ يتقدموا فيقاتلوا حَتَّى يموتوا عَن آخِرهم. وَإِمَّا أَن يبيتوا٤ الْمُسلمين لَيْلَة السبت فِي حِين طمأنينتهم فيقتلوهم قتلا، فَقَالُوا لَهُ: أما الْإِسْلَام فَلَا نسلم وَلَا نخالف حكم التَّوْرَاة، وَأما قتل أَبْنَائِنَا ونسائنا فَمَا جزاؤهم الْمَسَاكِين منا أَن نقتلهم، وَنحن لَا نتعدى [فِي] السبت.
١ انْظُر فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة ابْن هِشَام ٣/ ٢٤٤ والواقدي ٣٧١ وَابْن سعد ج٢ ق١ص٥٣ وأنساب الْأَشْرَاف ١/ ١٦٧ وَالْبُخَارِيّ ٥/ ١١١ وتاريخ الطَّبَرِيّ ٢/ ٥٨١ وَابْن حزم ص١٩١ وَابْن سيد النَّاس ٢/ ٦٨ وَابْن كثير ٤/ ١١٦ والنويري ١٧/ ١٨٦ والسيرة الحلبية ٢/ ٤٢٧. * قلت: فِيهِ دَلِيل على أَن كل مُجْتَهد مُصِيب، لِأَنَّهُ سوى بَين الطَّائِفَتَيْنِ، وَلَو كَانَت إِحْدَاهمَا أَصَابَت وَالْأُخْرَى أَخْطَأت لفضل أهل الصَّوَاب، وَإِن لم يعنف أهل الْخَطَأ. "انْظُر فِي ذَلِك الرَّوْض الْأنف ٢/ ١٩٥". ٢ الْجَهْل هُنَا بِمَعْنى النزق والسفه أَي ضد الْحلم. ٣ قيل خمْسا وَعشْرين لَيْلَة. ٤ يبيتونهم: يأتونهم لَيْلًا.
1 / 178