Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
12

Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies

الدرر في اختصار المغازي والسير

Chercheur

الدكتور شوقي ضيف

Maison d'édition

دار المعارف

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٣ هـ

Lieu d'édition

القاهرة

من وضوء الرَّسُول بالنبيذ، إِذْ لم يجد مَاء، فقد قَالَ: "هَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ متواتر عَن طُرُقٍ شَتَّى حِسَانٍ كُلِّهَا، إِلا حَدِيثَ أَبِي زَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ، فَإِنَّ أَبَا زيد مَجْهُول لَا يعرف فِي أَصْحَاب ابْن مَسْعُود، وَيَكْفِي فِي ذكر الْجِنّ مَا فِي سُورَة الرَّحْمَن وَسورَة ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ وَمَا جَاءَ فِي الْأَحْقَاف: قَوْله: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن﴾ الْآيَات. وَهُوَ بذلك يُرِيد التَّمَسُّك بِنَصّ الْقُرْآن الْكَرِيم دون زِيَادَة عَلَيْهِ، وَمِمَّا يصور دقته وتحريه قَوْله فِي غَزْوَة بنى المصطلق أَو الْمُريْسِيع: "وَفِي هَذِه الْغَزْوَة قَالَ أهل الْإِفْك فِي عَائِشَة ﵂ مَا قَالُوا، فبرأها اللَّه مِمَّا قَالُوا، وَنزل الْقُرْآن ببراءتها، وَرِوَايَة من روى أَن سعد بْن معَاذ رَاجع فِي ذَلِك سعد بْن عبَادَة، وهم وَخطأ، وَإِنَّمَا تراجع فِي ذَلِك سعيد بْن عبَادَة مَعَ أسيد بْن حضير. كَذَلِك ذكر ابْن إِسْحَاق عَنِ الزُّهْرِيِّ عَن عبيد الله بْن عَبْد اللَّهِ وَغَيره، وَهُوَ الصَّحِيح؛ لِأَن سعد بْن معَاذ مَاتَ فِي منصرف رَسُول اللَّه ﷺ مِنَ بني قُرَيْظَة لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك، وَلم يدْرك غَزْوَة الْمُريْسِيع وَلَا حضرها". نَحن إِذن بِإِزَاءِ سيرة نبوية محررة، سيرة لَا تعتمد على كتب السِّيرَة الْمَشْهُورَة وَحدهَا، بل تعتمد أَيْضا على كتب الحَدِيث وَرِوَايَة الموثقين مَعَ الموازنة بَين الْأَخْبَار وَالْأَحَادِيث واستخلاص الآراء الصَّحِيحَة، وَمَعَ الْوَفَاء بالدقة فِي أَسمَاء الْأَعْلَام، وَمَعَ التَّوَقُّف فِي مَوضِع التَّوَقُّف والنفوذ إِلَى الرَّأْي السَّلِيم، وَمَعَ الْمعرفَة الواسعة بِالْحَدِيثِ وَرِجَاله وتمييز صَحِيحه من زائفه. وَبلغ من قيمَة هَذِه السِّيرَة وأهميتها فِي عصرها أَن وَضعهَا ابْن حزم -تلميذ ابْن عبد الْبر- علما مَنْصُوبًا أَمَام بَصَره حِين حاول أَن يصنف سيرته النَّبَوِيَّة الَّتِي سَمَّاهَا "جَوَامِع السِّيرَة" وَقد نشرت بدار المعارف نشرة جَيِّدَة مُحَققَة عَن نُسْخَة يكثر فِيهَا التَّصْحِيف، كَمَا تكْثر سواقط الْكَلَام. ونراه يستهلها بِقِطْعَة موجزة يتحدث فِيهَا عَن نسب رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ومولده وسنه ووفاته وأعلام رسَالَته وحجه وعمراته وغزواته وبعوثه وَصفته وأسمائه وأمرائه وَكتابه وحرسه ومؤذنيه وخطبائه وشعرائه وَرُسُله ودعوته بعض الْمُلُوك إِلَى الْإِسْلَام ونسائه وَأَوْلَاده وشيمه وأخلاقه. وَهُوَ فِي هَذِه الْقطعَة لَا يلتقي بِابْن عبد الْبر فِي سيرته، لِأَنَّهُ كَمَا قدمنَا لم يعرض لكل ذَلِك مكتفيا بِمَا جَاءَ مِنْهُ فِي صدر كتاب "الِاسْتِيعَاب" غير أننا لَا نكاد

1 / 14