167

Diya

الضياء لسلمة العوتبي ج2 6 8 10

Genres

وإن دعاك الخاطر إلى أن الله تعالى يظلم أو يجور، أو يأخذ أحدا بفعل أحد، أو يعذب الوالد بفعل الولد، أو يعذب الولد بفعل الوالد، أو يعذب من لم تكن منه معصية في الدنيا، /74/ فانف ذلك عن الله عز وجل. فإن هذه الأشياء لا يجوز شيء منها على الله؛ لأن فاعلها لا يستحق أن يوصف بالحكمة والرحمة، والله عز وجل حكيم رحيم. فإن دعاك الخاطر إلى أن الله جل ثناؤه يقول الكذب، أو يخلف الميعاد، أو يخبر بخبر لا يكون المخبر عنه كما أخبر، فانف ذلك عن الله عز وجل، فإنه لا يجوز عليه شيء من هذا؛ لأن من كان منه هذا الفعل كان سفيها غير عالم بالغيب.

فصل [في النفي المطلق للمشابهة بين الخالق والمخلوق]

إن الله عز ذكره نفى عن نفسه شبه المخلوقين بجملة انتظمت نفي كل شبه، آية محكمة غير متشابهة، ولا منصرفة في المعاني، وهو إخباره أنه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (¬1) ، وفي هذه الآية دليل على تشابه الأشياء وتفاوتها والتفافها (¬2) ، إذ مدح نفسه تعالى أنه ليس كواحد منها، ولم يستثن لطيفا من جليل، ولا مضيئا من ظلام، ولا حيا من ميت. أشرك في قوله الملائكة والجن والإنس، والنور والظلمة، والشمس والقمر، فقضى على جميعها بأنها لا تشبهه وأنه لا يشبهها، فتعالى الله رب العالمين.

وإنما شبه الله عز وجل من جهل اللغة ومعانيها، واتساع العرب فيها حين وجدوا ذكر النفس والوجه والعين واليد والقبضة واليمين، ولكل شيء من هذا معان تبطل ما ذهبوا إليه من التشبيه، وسنأتي ببيان ذلك بأدلة واضحة إن شاء الله.

[معنى النفس في حق الله تعالى]

النفس في لغة العرب على معان مختلفة:

Page 171