ويذكر أبو فرج الأصفهاني أن لبيدًا كام ممن عُمِّرُوا طويلًا، فيقال: إنه عُمِّرَ مائة وخمسًا وأربعين سنة. أما وفاته، فقيل: إنه توفي في آخر خلافة سيدنا معاوية ﵁، وقيل: بل توفي في آخر عهد سيدنا عثمان ﵁.
ويقال إن لبيدًا هجر في آخر عمره الشعر إلى القرآن الكريم، فيروي ابن السلام في طبقاته قائلًا:
كتب عمر إلى عامله أن سَلْ لبيدًا والأغلب ما أحدثا من الشعر في الإسلام؟ فقال الأغلب:
أرجزًا سألت أم قصيدا
فقد سألت هينًا موجودا
وقال لبيد: قد أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران.
شيء من أخباره.
قيل: إنه وفد عامر بن مالك ملاعب الأسنة وكان يكنى: أبا البراء، في رهط من بني جعفر، ومعه لبيد بن ربيعة، ومالك بن جعفر وعامر بن مالك عم لبيد على النعمان، فوجودا عنده الربيع بن زياد العبسي وأمّه فاطمة بنت الخرشب، وكان الربيع نديمًا للنعمان مع رجل من تجار الشام يقال له: زرجون بن توفيل، وكان حريفًا للنعمان يبايعه، وكان أديبًا حسن الحديث والندام، فاستخفّه النعمان، وكان إذا أراد أن يخلو على شرابه بعث إليه وإلى النطاسي: متطبّب كان له، وإلى الربيع بن زياد فخلا بهم، فلما قدم الجعفريون كانوا يحضرون النعمان لحاتهم فإذا خرجوا من عنده خلا به الربيع فطعن فيهم وذكر معايبهم، وكانت بنو جعفر له أعداءً، فلم يزل بالنعمان حتى صدّه عنهم، فدخلوا عليه يومًا فرأوا منه جفاءً وقد كان يكرمهم ويقربّهم، فخرجوا غضابًا ولبيد متخلّف في رحالهم يحفظ متاعهم ويغدو بإبلهم كل صباح يرعاها.
1 / 6