Études philosophiques islamiques
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Genres
ولكن كانت حدوده كالآتي: (1)
نشأة الرأسمالية كنتيجة طبيعية لليبرالية السياسية، خاصة وأنها في بلاد محدودة الدخل تصبح أقرب إلى الإقطاع. (2)
سيادة النظم الملكية الوراثية وهي نظم تتعارض مع الليبرالية السياسية، ويفرضها التخلف المتوارث. (3)
التلاعب بالحرية والدستور، والدخول في لعبة الأحزاب البرلمانية والأغلبية والأقلية وتغيير الوزارات. (4)
الفساد العام وسيادة الرشوة، والتهرب من الضرائب، وذلك في نطاق الأقلية الحاكمة في مقابل الأغلبية التي يسودها الثالوث الشهير: الفقر والجهل والمرض.
ولهذه الأسباب قامت الثورة المصرية، ولكنها لسوء الحظ اصطدمت بالاتجاهات الثلاثة الرئيسية في وجداننا القومي، فاصطدمت بالإخوان الذين كانوا يمثلون آخر خيط في الإصلاح الديني، كما اصطدمت بالماركسية ممثلة في الأحزاب الشيوعية، واصطدمت بالليبرالية الممثلة في حزب الوفد، وكل ذلك من أجل الصراع على السلطة، ولم تستطع، لسوء الحظ، أن تقيم جبهة وطنية تنصهر فيها هذه التيارات الثلاثة، خاصة وأنها كانت متقاربة في أهدافها ومتشابهة فيما تنادي به. كما أنها لم تنشئ تنظيما سياسيا شعبيا لديها يحمي مكتسبات الثورة. وبالإضافة إلى طابع الحكم الفردي الذي ساعد على سلبية الجماهير نشأت طبقات جديدة أثرت على حساب الثورة وورثتها في النهاية.
2 (3) الزمان والتاريخ
ويبدو أن نهضتنا الحضارية قد تعثرت في هذا القرن بالرغم من بداياتها الطيبة في القرن الماضي؛ نظرا لعدم وجود تصور جدلي للعلاقة بين الزمان والتاريخ، بين مرحلة التجربة الوطنية ومراحل التاريخ. (أ) الرجوع إلى الماضي واستباق المستقبل
لما تطور الإصلاح الديني وتحول إلى السلفية على يد رشيد رضا ثم الاخوان المسلمين فقدت مفهوم التقدم والتاريخ، وعادت إلى الوراء إلى أيام الإسلام الأول. فالسلفية إذن نقل للحظة الحاضرة إلى الماضي لنقص في القدرة على تحليل الواقع وعلى حصر عوامله واستقصاء محركاته. وما أسهل الرجوع إلى الماضي وعيش الواقع بالخيال، وتمني التحقيق بالأحلام، فذاك يعطي عزاء وحمية، وصدقا في القول، فلا أحد يقدر على أن يعارض المبدأ. فيتقدمون إلى الوراء مع تشنج وتعصب أو تكوين جماعات مغلقة منفصلة عن المجتمع فوق الأرض أو في الصحراء أو تحت الأرض. وسرعان ما يتم اصطدامها مع سلطة الدولة.
وفي الماركسية يتم تجاوز الحاضر أيضا إلى المستقبل، فالسلفية والماركسية بالرغم مما يبدو بينهما من تعارض ظاهري إلا أنهما في حقيقة الأمر يشاركان في خطأ واحد وهو التنكر للحظة الحاضرة، والمرحلة التاريخية المحددة التي تمر بها الشعوب. فلا يمكن الانتقال من الإقطاع إلى الشيوعية دون المرور بمراحل متوسطة من الليبرالية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية الدينية أو الخلقية ثم الاشتراكية العلمية. ولا يمكن الانتقال من الخرافة إلى العلم دون المرور بالمراحل المتوسطة من عقلانية وتنوير. إن معرفة دور الأجيال وتقسيم المراحل بينها يمنع من أن يقوم جيل بدور أجيال قادمة وينسى دوره الخاص. ودور جيلنا هو الانتقال من الإصلاح إلى النهضة، وقد تأتي أجيال قادمة للانتقال من النهضة إلى الثورة. ومن ثم كانت النهضة الحلقة المتوسطة بين الإصلاح والثورة. فاستباق المستقبل ينسي ثقل الماضي وما فيه من عقبات للتقدم لم يتم التغلب عليها ودفعات عليه لم يتم استخدامها. كما أنه ينسي اللحظة التاريخية الحاضرة التي قد ترفض أية مزايدات تاريخية عليها. وغالبا ما يكون مصير هذه الحركات أيضا تكوين جماعات منعزلة فوف الأرض للثقافة والفن، أو تحت الأرض سرعان ما تصطدم بالسلطة وتقضي بقية نشاطها السياسي في السجون. (ب) اللحظة التاريخية الحاضرة
Page inconnue