وابن كثير في البداية والنهاية (1)، وابن تغري بردي في النجوم (2)، والسيوطي في طبقات الحفاظ (3)، وابن العماد في الشذرات (4)، وغيرهم.
وذكر مترجموه أنه سمع من محمد بن يحيى المروزي ، وأبي خليفة الفضل ابن الحباب الجمحي ، وجعفر بن محمد الفريابي وغيرهم ، وأنه تخرج بالحافظ ابن عقدة ، وبرع في الحفظ وبلغ فيه المنتهى حتى قال أبو علي التنوخي : ما شاهدنا أحدا أحفظ من أبي بكر ابن الجعابي ، وسمعت من يقول : إنه يحفظ مئتي ألف حديث ، ويجيب في مثلها ، وأنه كان يفضل الحفاظ الآخرين بأنه كان يسوق المتون بألفاظها ، وأكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك. وذكروا أنه كان إماما في معرفة العلل والرجال وتواريخهم ، لم يبق في زمانه من يتقدمه. وقد وصفه الإمام الذهبي بأنه «الحافظ البارع العلامة». وقال الخطيب : سمعت ابن رزقوية يقول : كان ابن الجعابي يمتلئ مجلسه وتمتلىء السكة التي يملي فيها والطريق ، ويحضر الدار قطني ، وابن المظفر ، ويملي من حفظه.
ومع كل ذلك أخذوا عليه عدة أمور ، من أبرزها : التشيع ، حتى قيل إن نائحة الرافضة سكينة كانت تنوح في جنازته ، وأنه كان يتهاون في الصلاة ، وأنه كان يشرب في مجلس ابن العميد ، وأنه تولى قضاء الموصل فلم يحمد في ولايته ، وهذه كلها ذكرها الخطيب عن أشياخه. وذكر محمد بن عبيد الله المسبحي صاحب «تاريخ مصر» أن ابن الجعابي قد صحب قوما من المتكلمين ، فسقط عند كثير من أصحاب الحديث ، وأنه وصل إلى مصر ، ودخل إلى الإخشيد ، ثم مضى إلى دمشق ، فوقفوا على مذهبه ، فشردوه ، فخرج هاربا.
Page 36