ابنِ أَبِي يَعْلَى (ت: ٥٢٦ هـ) نَظَرًا لأهَمِّيَّةِ الكِتَابِ بَيْنَ كُتُبِ التَّرَاجِمِ عَامَّةً، وَكُتُبِ طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ خَاصَّةً، ثُمَّ مَضيْتُ فِي تَحْقِيْقِهِ أَحُثُّ الخُطَا، فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى مَا يَقْرُبُ مِنْ نِصْفِ الكِتَابِ أَوْقَفْتُ العَمَلَ فِيْهِ لَمَّا أَبْدَتِ اللَّجْنَةُ التَّحْضِيْرِيَّةِ للاحْتِفَالِ بِمُرُوْرِ مَائَة عَامٍ عَلَى تَأْسِيْسِ المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُوْدِيَّةِ رَغْبَتَهَا فِي طَبْعِ كِتَابِ "الطَّبَقَاتِ" ضِمْنَ إِصْدَارَاتِهَا بِهَذِهِ المُنَاسَبَةِ، وَكُلِّفْتُ بِالعَمَلِ فِيْهِ فَأَجَّلْتُ العَمَلَ فِي كِتَاب الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ حَتَّى الانْتِهَاءِ مِنْ كِتَابِ "الطَّبَقَاتِ" المَذْكُوْرِ وَحَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ظُرُوْفٍ أُخْرَى أَدَّتْ إِلَى تَأْجِيْلِ العَمَلِ حَيْثُ أَصْدَرْتُ ثَلَاثَةَ كُتُبٍ فِي "غَرِيْبِ المُوَطَّإِ" وَبَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنْهَا عُدْتُ إِلَيْهِ بِرَغْبَةِ أَكِيْدَةٍ، وَتَصمِيْمٍ كَبِيْرٍ، فَبَذَلْتُ فِي تَحْقِيْقِهِ أَقْصَى الجُهْدِ وَالطَّاقَةِ، وَبَالَغْتُ فِي تَخْرِيْجِ تَرَاجِمِهِ وَتَتَبُّعِ أَخْبَارِهَا فِي المَصَادِرِ المُخْتَلِفَةِ، وَحَاوَلْتُ - جِاهِدًا - الرَّبْطَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الأُسْرَةِ الوَاحِدَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وآبَائِهِ، وَأَوْلَادِهِ، وَأَحْفَادِهِ، وإِخْوَانِهِ، وَذَوِي قَرَابَتِهِ فَتَحْتَ البَابَ لِمَنْ أَرَادَ التَّوَسُّعَ فِي مَعْرِفَةِ الأُسَرِ العِلْمِيَّةِ، وَلَمْ أُخْلِ الهَوَامِشِ مِنْ فَوَائِدَ عَنْ مُؤَلَّفَاتِ المُتَرْجَمِ، وَنَمَاذِجَ مِنْ أَشْعَارِهِ إِنْ وُجِدَتْ.
وَقَدَّمْتُ كُتُبِ الطَّبَقَاتِ فِي تَخْرِيْجِ التَّرَاجِمِ، ثُمَّ المَصَادِرِ المُخْتَلِفَةِ. وَلَمْ أَسْتَعْمِلْ أَثْنَاءَ التَّحْقِيْقِ المُؤَلَّفَاتِ وَالكُتُبَ المُعَاصِرَةَ؛ لأنَّهَا - فِي نَظَرِي - لَا تُضِيْفُ جَدِيْدًا إِلَى مَا نَهْدِفُ إِلَيْهِ، وَمَا تَوَصَّلُوا إِلَيْهِ مِنْ مَعْلُوْمَاتٍ هُوَ فِي غَالِبِهِ مِنْ مَصَادِرَ يُمْكِنُ الوُقُوْفُ عَلَيْهَا، فَاقْتَصَرْتُ عَلَى الكُتُبِ القَدِيْمَةِ.
المقدمة / 6