وعن مجاهد أنه قال: إن لابن آدم جلساء من الملائكة، فإذا ذكر أحدهم أخاه بخير قالت الملائكة: ولك مثله، وإن ذكره بسوء قالت: يا ابن آدم كشفت المستور عليه عورته، ارجع إلى نفسك واحمد الله الذي ستر عليك عورتك.
وعن عبد الله بن المبارك انه قال لسفيان: ما أبعد جيفة من الغيبة ما سمعته يغتاب عدوا قط؟ قال: هووالله أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهبها.
قال عبد الله بن المبارك: لو كنت مغتابا لأحد لأغتبت والدتي؛ لأنها أحق بحسناتي.
وقال أبو أمامة الباهلي: إن العبد يعطى كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكن عملها فيقول: يا رب أنى لي هذا؟ فيقول: ((هذا مما اغتابك الناس وأنت لا تشعر)).
وقال رجل من بني إسرائيل: اللهم ليس لي ما أتصدق به، فأيما مسلم أصاب عرضي فهو عليه صدقة، فأوحى الله إلى نبي زمانه أني قد غفرت له.
وقيل لإسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة: أي اللحوم أطيب؟ قال: لحوم الناس، هي والله أطيب من الدجاج، والدراج يعني الغيبة.
وقيل لشاعر أنعم عليه بعض الرؤساء: ما صنع بك فلان؟ فقال: ما وفيت نعمته بإسائته منعي لذة الثلب، وحلاوة الشكوى.
وعن بعضهم: الورع في النطق أشد منه في الذهب والفضة؛ لأنك إذا استودعك أخوك مالا لم تحدثك نفسك بخيانة فيه، وقد استودعك عرضه وأنت تغتابه ولا تبالي.
وعن إبراهيم بن ادهم أنه أضافه ناس فلما قعدوا على الطعام قال رجل: إن فلانا لم يجيء، فقال آخر: إن فلانا ثقيل، فقال إبراهيم: إنما فعل بي هذا بطني حتى شهدت طعاما أغتيب فيه مسلم، فخرج ولم يأكل ثلاثة أيام، وأضاف هو ناساص فلما قعدوا على الطعام جعلوا يتناولون رجلا فقال إبراهيم: إن الذين كانوا قبلنا يأكلون الخبز قبل اللحم، وأنتم بدأتم باللحم قبل الخبز.
وقيل لرجل يغتاب: إنك تملي على حافظيك فانظر ماذا تقول.
Page 12