50

Les Preuves de l'Éloquence

دلائل الإعجاز

Chercheur

محمود محمد شاكر أبو فهر

Maison d'édition

مطبعة المدني بالقاهرة

Numéro d'édition

الثالثة ١٤١٣هـ

Année de publication

١٩٩٢م

Lieu d'édition

دار المدني بجدة

١ فقيلَ لنا: قد سَمِعْنا ما قلْتُم، فخَبِّرونا عنهم، عما ذا عجزوا؟ أعن معان من دِقَّةِ مَعانيه وحُسْنهِا وصِحَّتها في العقول؟ أمْ عن ألفاظٍ مِثْلِ ألفاظه؟ فإِنْ قلْتُم: "عنِ الألفاظ"، فماذا أَعْجَزَهم منَ اللفظ، أمْ ما بهرهم منه؟ فقلنا: أعجزتم مزايا ظهرتْ لهم في نظمهِ، وخصائصُ صادفوها في سِياق لفظه، وبدائعُ راعَتْهم من مبادئ آيهِ ومقاطِعها٢، ومجاري ألفاظِها ومواقعها، وفي مضربِ كلَّ مثلٍ، ومساقِ كلَّ خبرٍ٣، وصورةِ كلَّ عِظَةٍ وتنبيهٍ، وإعلامٍ وتَذكيرٍ، وترغيبٍ وترهيبٍ، ومع كلَّ حُجةٍ وبُرهانٍ، وصفةٍ وتبيان٤ وبَهرهُم أنَّهم تأمَّلوه سُورةً سورةً، وعَشْرًا عَشرًا، وآية آية، فلم يجدوا في الجميع كلمة يَنْبو بها مكانُها، ولفظةً يُنكرُ شانُها، أو يُرى أنَّ غيَرها أصلحُ هناك أو أشْبَه، أو أحرى وأخْلَق، بل وجدُوا اتِّساقًا بَهرَ العُقولَ، وأعجزَ الجمهورَ، ونظامًا والتئامًا، وإتقانًا وإحكامًا، لم يَدعْ في نفسِ بليغٍ منهم، ولو حكَّ بيافوخِه السَّماء، موضعَ طمعٍ، حتى خرسَتِ الألسنُ عن أن تدعي وتقول، وخذيت القروم فلم تملك أن تصول٥.

١ الكلام معطوف بعضه على بعض، والسياق: "وهي إنَّا إذا سُقْنا دليلَ الإِعجازِ فقُلْنا .... فقيل لنا ... " وكذلك ما سيأتي بعده. ٢ في "س": "في مبادئ". ٣ في "س": "وسياق كل خبر". ٤ "وبهرهم" معطوف على قوله: "أعجزتهم مزايا". ٥ في المطبوعة: وخلدت القروم"، أرجع أنه مصحف. و"خذي يحذى، واستحذى"، خضع واسترخى. و"القروم" جمع "قرم"، وهو فحل الإبل الذي يترك من الركوب، والعمل، فلا يمسه حبل، بل يودع للفحلة. و"صال الفحل على الناقة"، وثب عليها وسطابها ليخضعها.

1 / 39