Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Maison d'édition
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Lieu d'édition
توزيع
Genres
فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ عُمُومَ آيَةِ
التَّحْلِيلِ، بِأَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ ذَبَائِحَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ. كَمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ عَلَى إِبَاحَةِ مَا أَهَلُّوا بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: الَّذِي يَظْهَرُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، أَنَّ عُمُومَ آيَاتِ الْمَنْعِ أَرْجِحُ وَأَحَقُّ بِالِاعْتِبَارِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ. مِنْهَا قَوْلُهُ ﷺ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ. وَقَوْلُهُ ﷺ: وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ الْحَدِيثَ. وَقَوْلُهُ ﷺ: فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ.
وَمِنْهَا أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ إِذَا تَعَارَضَ مَعَ الْإِبَاحَةِ كَمَا هُنَا، فَالنَّهْيُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَالِاعْتِبَارِ، لِأَنَّ تَرْكَ مُبَاحٍ أَهْوَنُ مِنِ ارْتِكَابِ حَرَامٍ.
بَلْ صَرَّحَ جَمَاهِيرُ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ بِأَنَّ النَّصَّ الدَّالَّ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ النَّصِّ الدَّالِّ عَلَى نَهْيِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ نَهْيَ التَّحْرِيمِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمْرِ الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَقْدِيمِ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ، وَالدَّالُّ عَلَى الْأَمْرِ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّالِ عَلَى الْإِبَاحَةِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ عُهْدَةِ الطَّلَبِ.
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ فِي مَبْحَثِ التَّرْجِيحِ بِاعْتِبَارِ الْمَدْلُولِ بِقَوْلِهِ:
وَنَاقِلٌ وَمُثْبِتٌ وَالْآمِرُ ... بَعْدَ النَّوَاهِي ثُمَّ هَذَا الْآخَرُ
عَلَى إِبَاحَةٍ إلخ. . .
فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «وَالْآمِرُ بَعْدَ النَّوَاهِي»، أَنَّ مَا دَلَّ عَلَى الْأَمْرِ بَعْدَمَا دَلَّ عَلَى النَّهْيِ، فَالدَّالُّ عَلَى النَّهْيِ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَقَوْلُهُ: «ثُمَّ هَذَا الْآخَرُ عَلَى إِبَاحَةٍ»، يَعْنِي أَنَّ النَّصَّ الدَّالَّ عَلَى الْأَمْرِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَوَّلَ النَّهْيُ فَالْأَمْرُ فَالْإِبَاحَةُ، فَظَهَرَ تَقْدِيمُ النَّهْيِ عَمَّا أَهَلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَلَى إِبَاحَةِ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيمَا حُرِّمَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ كَشَحْمِ الْجَوْفِ
1 / 72