Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Maison d'édition
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Lieu d'édition
توزيع
Genres
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: فِي وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَ عُمُومِ آيَةِ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مَعَ عُمُومِ الْآيَاتِ الْمُحَرِّمَةِ لِمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فِيمَا إِذَا سَمَّى الْكِتَابِيُّ عَلَى ذَبِيحَتِهِ غَيْرَ اللَّهِ، بِأَنْ أَهَلَّ بِهَا لِلصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
الْمَبْحَثُ الثَّانِي: فِي وَجْهِ الْجَمْعِ بَيْنَ آيَةِ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَا إِذَا لَمْ يُسَمِّ الْكِتَابِيُّ اللَّهَ وَلَا غَيْرَهُ عَلَى ذَبِيحَتِهِ.
أَمَّا الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فَحَاصِلُهُ أَنْ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ، تَنْفَرِدُ آيَةُ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فِي الْخُبْزِ وَالْجُبْنِ مِنْ طَعَامِهِمْ مَثَلًا، وَتَنْفَرِدُ آيَةُ: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فِي ذَبْحِ الْوَثَنِيِّ لِوَثَنِهِ وَيَجْتَمِعَانِ فِي ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ الَّتِي أَهَلَّ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ، كَالصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى فَعُمُومُ قَوْلِهِ: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا، وَعُمُومُ قَوْلِهِ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَقْتَضِي حَلِّيَّتَهَا.
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ الْأَعَمَّيْنِ مِنْ وَجْهٍ يَتَعَارَضَانِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَجْتَمِعَانِ فِيهَا، فَيَجِبُ التَّرْجِيحُ بَيْنَهُمَا، وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا يُقَدَّمُ وَيُخَصَّصُ بِهِ عُمُومُ الْآخَرِ.
كَمَا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ «النِّسَاءِ» فِي الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [٤ \ ٢٣]، مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [٢٣ \ ٦]، وَكَمَا أَشَارَ لَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ:
وَإِنْ يَكُ الْعُمُومُ مِنْ وَجْهٍ ظَهَرْ ... فَالْحُكْمُ بِالتَّرْجِيحِ حَتْمًا مُعْتَبِرْ
فَإِذَا حَقَّقْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي هَذَيْنِ الْعُمُومَيْنِ أَيُّهُمَا أَرْجَحُ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى تَرْجِيحِ الْآيَاتِ الْمُحَرِّمَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَرَبِيعَةَ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمَا الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَذَكَرَهُ النَّوَوِيِّ
1 / 71