44

الوجازة في الأثبات والإجازة

الوجازة في الأثبات والإجازة

Maison d'édition

دار قرطبة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٨ هـ

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

الفَصْلُ السَّادِسُ إجَازَةُ الصَّغِيْرِ غَيْرِ المُمَيِّزِ لا شَكَّ أنَّ إجَازَةَ الصَّغِيْرِ جَائِزَةٌ عَنْدَ عَامَّةِ أهْلِ الرِّوَايَةِ والحَدِيْثِ قَدِيْمًا وحَدِيْثًا، كُلُّ ذَلِكَ مِنْهُم حِرْصًا عَلى قُرْبِ الإسْنَادِ، وقِلَّةِ الوَسَائِطِ، وطَلَبِ العُلُوِّ، كَما كَانَ العُلَمَاءُ، وأهْلُ الحَدِيْثِ يَصْطَحِبُوْنَ صِبْيَانَهم إلى مَجَالِسِ العِلْمِ، ويَكْتُبُوْنَ أسَماءَهُم في طَبَقَاتِ السَّماعِ؛ لِيَرْوُا مَا سَمِعُوا عِنْدَ الرُّشْدِ والبُلُوْغِ. قَالَ الحَافِظُ أبُو طَاهِرٍ السِّلِفِيُّ ﵀ في الوَجِيْزِ (٦٥ - ٦٨) بَعْدَ أنْ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ خِلافِ أهْلِ العِلْمِ، قَالَ: «والَّذِي أذْهَبُ إلَيْه، وعَلَيْه أدْرَكْتُ الحُفَّاظَ مِنْ مَشَايخِي، سَفَرًا وحَضَرًا، اتِّباعًا لمَذْهَبِ شُيُوْخِهِم في ذَلِكَ: أنَّ الإجَازَةَ تَصِحُّ لمَنْ يُجازُ لَهُ صَغِيْرًا كَانَ أو كَبِيْرًا، فَهِي فَائِدَةٌ إلَيْه عَائِدَةٌ، كالحُبُسِ عَلَيْه والهِبَةِ لَهُ، فَلا يُحْكَمُ بفَسَادِ ذَلِكَ، ويُقَالُ: إنَّما يَصِحُّ الحُبُسُ والهِبَةُ لمَنْ عُمْرُه سَبْعُ سِنِيْنَ؟! والغَرَضُ الأقْصَى مِنَ الإجَازَةِ: الرِّوَايَةُ، والصَّغِيْرُ لا تُتَصَوَّرُ في حَقِّه، بخَلافِ الكَبِيْرِ، فالكَبِيْرُ يَسْمَعُ في بَلَدٍ، ويَرْوِي في آخَرَ عَقِيْبَ السَّماعِ، والصَّغِيْرُ إنَّما يُؤخَذُ لَهُ مِنْ شُيُوْخِ الوَقْتِ؛ حَتَّى إذَا بَلَغَ مَبْلَغَ الرُّوَاةِ رَوَى مَا يَصِحُّ لَدِيْه مِنْ حَدِيْثِهِم، كَما يُحَبَّسُ عَلَيْه في صِغَرِهِ مِنْ دَارٍ وعَقَارٍ، ولا يُتَصَوَّرُ لَه التَّصَرَّفُ في شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإذا بَلَغَ الحُلُمَ وهُو رَشِيْدٌ، سُلِّمَ المُحَبَّسُ إلَيْه، فَيَتَصَرَّفُ فِيْه مِنْ غَيْرِ اعْتِراضٍ في اخْتِيَارِه وإيْثَارِه، ولأبي بَكْرٍ الخَطِيْبِ الحَافِظِ البَغْدَادِيِّ في هَذَا

1 / 49