الوجازة في الأثبات والإجازة
الوجازة في الأثبات والإجازة
Maison d'édition
دار قرطبة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٨ هـ
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
ثُمَّ اعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ: أنَّ كُتُبَ الحَدِيْثِ وغَيْرِها لمَّا دُوِّنَتْ وحُرِّرَتْ في الزَّمَنِ الأوَّلِ، لم يَكُنْ هَذا مَانِعًا مِنْ تَحْصِيْلِ الرِّوَايَةِ والسَّماعِ، وطَلَبِ الإجَازَةِ، لا في القَرْنِ الثَّالِثِ، ولا الرَّابِعِ، ولا مَا بَعْدَهُما؛ بَلْ مَا زَادَ هَذا عِنْدَ السَّلَفِ: إلاَّ عُلُوَّ هِمَّةٍ، وشِدَّةَ عَزِيْمَةٍ في تَحْصِيْلِ الرِّوَايَةِ، وطَلَبِ الإجَازَةِ؟!
وهَذَا الإمَامُ مَالِكٌ ﵀ لمَّا دَوَّنَ «الموَطَّأ»، رَحَلَ إلَيْه كَثِيْرٌ مِنَ العُلَماءِ والمُحَدِّثِيْنَ ليَأخُذُوْهُ عَنْه سَماعًا ورِوَايَةً وإجَازَةً؛ لعِلْمِهِم بِكَوْنِها سُنَّةً مَاضِيَةً، وطَرِيْقَةً مَرْضِيَّةً، أخَذَهَا الخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ، والأصَاغِرُ عَنِ الأكَابِرِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، وعَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ!
وقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ في «الصَّحِيْحَيْنِ»، و«السُّنَنِ»، و«المَسَانِيْدِ»، و«المَعَاجِمِ»، وغَيْرِها مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ.
ومَنْ نَظَرَ حَالَ السَّلَفِ في الرِّوَايَةِ والإجَازَةِ، عَلِمَ أنَّهُم لم يَقْتَصِرُوا عَلى كُتُبِ الحَدِيْثِ وغَيْرِها؛ بَلْ كَانُوا أيْضًا أشَدَّ حِرْصًا عَلى إسْمَاعِ وإجَازَةِ مُصَنَّفَاتِهم المُدَوَّنَةِ في العَقِيْدَةِ، والفِقْهِ، والتَّفْسِيْرِ، واللُّغَةِ وغَيْرِها مِنْ كُتُبِ أهْلِ العِلْمِ المُدَوَّنَةِ!
فإذَا عُلِمَ هَذَا؛ فَلْتَكُنْ يا طَالِبَ العِلْمِ سُنَّةُ السَّلَفِ اليَوْمَ في طَلَبِ الرِّوَايَةِ والإجَازَةِ: طِلْبَةً شِرْعِيَّةً عِلْمًا وتَعَلُّمًا، رِوَايَةً ودِرَايَةً.
وليَحْذَرَنَّ جَاهِلٌ أو غَافِلٌ مِنْ قَالَةِ سُوْءٍ تَغْمِزُ في فَضْلِ الرِّوَايَةِ والإجَازَةِ!
1 / 48