دينك ولا تنصر محمودًا. من هو محمود الكلب حتى "تنصره" (^١)!! قال: فانتبهت (^٢) ونزلت إلى المسجد، وكان من عادة نور الدين أن ينزل إليه بغَلَس (^٣)، ولا يزال يتركع فيه حتى يصلي الصبح.
قال: فتعرضت له، فسألني عن أمري، فأخبرته بالمنام، وذكرت له العلامة، إلا أنني لم أذكر لفظة الكلب. فقال نور الدين: اذكر العلامة كلها؛ وألح على في ذلك، فقلتها؛ فبكي ﵀ وصدَّق الرؤيا. وأرخت تلك الليلة، فجاء الخبر برحيل الفرنج بعد ذلك في تلك الليلة.
وأرسل نور الدين إلى العاضد كتابًا، يهنئه برحيل الفرنج عن ثغر دمياط، وكان قد ورد عليه كتاب العاضد بالاستقالة من الأتراك في مصر [خوفًا منهم] (^٤)، والاقتصار على [صلاح الدين] (^٥) وألزامه (^٦) وخواصه. فكتب إليه نور الدين يمدح الأتراك، ويعلمه أنه ما أرسلهم واعتمد عليهم إلا لعلمه بأن قنطاريات (^٧) الفرنج ليس لها إلا سهام الأتراك، فإن الفرنج لا يرعبون إلا منهم، ولولاهم لزاد طمعهم في الديار المصرية، ولحصلوا منها على الأمنية، فلعل الله أن ييسر فتح المسجد الأقصى مضافًا إلى [نعمه] (^٨) التي لا تحصى. ولعمارة (^٩) التميمي قصيدة منها قوله:
_________
(^١) "يُنصر" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٥٩.
(^٢) "فانتهيت" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٥٩.
(^٣) الغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح. المعجم الوسيط. مادة غلس.
(^٤) ما بين الحاصرتين مثبت من الروضتين حيث ينقل العينى عنه، وهو لازم لإيضاح المعنى. الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٦٠.
(^٥) "أسد الدين" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٦٠ حيث ينقل العيني عنه.
(^٦) الألزام هم الأتباع.
(^٧) القنطاريات، مفردها قنطارية: وهي نوع من الرماح يصنع من خشب يعرف باليونانية بهذا الاسم. انظر ماير: الملابس المملوكية، ص ٦٧ - ٨٣، القاهرة ١٩٧٢؛ مفرج الكروب، ج ١، ص ١٨٣، حاشية (٢)؛ راجع أيضًا: Dozy: Supp. Dict. Ar.، T.II، pp.٤١٢ - ٤١٣.
(^٨) " نعمته" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٦٠ حيث ينقل العيني عنه.
(^٩) عمارة اليمني التميمي سيأتي ذكره بالتفصيل في وفيات سنة ٥٦٩ هـ / ١١٨٣ م.
1 / 37