60

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Maison d'édition

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1389 AH

Lieu d'édition

لبنان

بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ وَمَا دُونَ الْفَرْجِ لِأَنَّ السَّبَبِيَّةَ نَاقِصَةٌ.
قَالَ (وَالْحَيْضُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] بِالتَّشْدِيدِ (وَ) كَذَا
ــ
[العناية]
الْخَفِيِّ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، وَهَاهُنَا الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ سَبَبُ الْإِنْزَالِ، وَنَفْسُ الْإِنْزَالِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ يَتَغَيَّبُ عَنْ بَصَرِ الْمُنْزِلِ، وَقَدْ يَخْفَى الْإِنْزَالُ لِقِلَّةِ الْمَنِيِّ فَيُقَامُ الِالْتِقَاءُ مَقَامَ الْإِنْزَالِ كَمَا فِي السَّفَرِ مَعَ الْمَشَقَّةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ.
وَالِالْتِقَاءُ مَجَازٌ لِلْإِيلَاجِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ، وَكَذَا الْإِيلَاجُ فِي الدُّبُرِ لِكَمَالِ السَّبَبِيَّةِ حَتَّى إنَّ بَعْضَ الْفَسَقَةِ يُرَجِّحُونَ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ فِي الدُّبُرِ عَلَى قَضَاءِ الشَّهْوَةِ فِي الْقُبُلِ لِمَا يَدَّعُونَ فِيهِ مِنْ اللِّينِ وَالْحَرَارَةِ وَالضِّيقِ، وَعَنْ هَذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مُحَاذَاةَ الْأَمْرَدِ فِي الصَّلَاةِ تُفْسِدُ صَلَاةَ غَيْرِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ احْتِيَاطًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَلِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ الْحَدَّ الَّذِي فِيهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي تَرْكِهِ فَلَأَنْ يُوجِبَا الْغُسْلَ الَّذِي الِاحْتِيَاطُ فِي وُجُوبِهِ أَوْلَى، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فَلِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْحَدِّ فَيَتْرُكُهُ وَيُحْتَاطُ فِي الْغُسْلِ فَيُوجِبُهُ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي كُلِّ بَابٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ.
وَقَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ وَمَا دُونَ الْفَرْجِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ: أَيْ يُقَامُ سَبَبُ الْإِنْزَالِ مَقَامَهُ فِي السَّبِيلَيْنِ فِي الْآدَمِيِّ، بِخِلَافِ الْبَهِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا الْغُسْلُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ، وَبِخِلَافِ مَا دُونَ الْفَرْجِ وَهُوَ التَّفْخِيذُ وَالتَّبْطِينُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ الْغُسْلُ أَيْضًا لِنُقْصَانِ السَّبَبِيَّةِ إذَا لَمْ يُنْزِلْ.
قَالَ (وَالْحَيْضُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢] اخْتَلَفَ الشَّارِحُونَ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ: نَفْسُ الْحَيْضِ يُوجِبُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَنَابَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ عَنْ الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ يُوجِبُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَالَ:؛ لِأَنَّهُ يُلَازِمُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ

1 / 64