Les Épouses de l'Éloquence sur les Réalités du Coran

Ruzbihan Baqli d. 606 AH
87

Les Épouses de l'Éloquence sur les Réalités du Coran

عرائس البيان في حقائق القرآن

Genres

الرحمن ، ومن شرب منها بفرط الحرص لإبغاء الغفلة قوة للمعصية ، يضل عن سبيل الرشاد ، ولا يملأ جوفه منه أبدا حتى يدخل إلى النيران ، وضرب الله تعالى أيضا هذا المثل في قصتهم لينظر الناظر فيه بعين الاعتبار ولاقتباس الأنوار ( فلما فصل طالوت بالجنود ) الطالوت هنا الروح ، وهي ملك الباطن ، ومثل داوود نبي الله عليه السلام العقل وجنوده القلب وملك الهام والعلم والفهم والإدراك والخواض ، ومثل جالوت عدو الله الشيطان وجنده خيل الخيال وأعوان الشهوات ، فأمر الله تعالى الروح بالمحاربة معه اختبارا للنفس الأمارة ، فلما فصلت الروح بجنودها ، ( قال إن الله مبتليكم بنهر ) يعني نهر الشهوة الذي تشرب منه النفس بكأس الغفلة ، وأضافت إليهم الشرب ؛ لأن الروح مقدسة عن رجس البشرية ، ( فمن شرب منه فليس مني ) أي : ليس من عالم الروحانيات ، وليس من أهل المكاشفة الصفات ، ( ومن لم يطعمه فإنه مني ) أي : من نور القدس وعالم الأنس ، ( إلا من اغترف غرفة بيده ) (1) أي : القلب والحواس والنفس يغترفون بقدر الترفة حتى لم يحترفوا في جوار الروح بنيران المحبة والمواجيد التي يحصل منه نور المعرفة ، ( فشربوا منه ) يعني النفس وأعوانها ؛ لأنهم من ملكوت الأرض ، لأجل ذلك مالوا إلى طعمة الطبيعية ، ( إلا قليلا منهم ) أي : العقل والملك ؛ لأنهما من ملكوت السماء وليس لها إلا لذة التربية ، أما شرب القلب قدر الكفاية ؛ لأنه ممزوج بخلاصة الجسم ، ( فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه ) أي : الروح والعقل والملك والقلب والحواس ، ( قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله ) أي : بقول أعيان الروح الذين يوقنون كشف العيان بعد مجاهدة الشيطان ، ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) كم من فئة قليلة بالعدد معها نور اليقين ، ( غلبت فئة كثيرة ) التي ليس معها النصر من عند الله ، ( والله مع الصابرين ) الذين وقفوا على مراد الحق بنعت الرضا والتسليم ورؤية كرمه القديم وتسليمهم من مباشرتهم حظ مشاهدة الحق.

( ولما برزوا لجالوت وجنوده ) أي : برز الروح وجندها للشيطان وجنده ، ( قالوا ) أي : الذي عاينوا بنور الإيمان جمال المشاهدة ، ( ربنا أفرغ علينا صبرا ) أي :

Page 97