Les Épouses de l'Éloquence sur les Réalités du Coran

Ruzbihan Baqli d. 606 AH
77

Les Épouses de l'Éloquence sur les Réalités du Coran

عرائس البيان في حقائق القرآن

Genres

وقبولهم بين الخلق بإظهارهم الفراسات ، وحجبهم بها عن درجات المشاهدات ، ورؤية ما سبق للأولياء من الرعايات والعنايات ، ( ويسخرون من الذين آمنوا ) أي : يتهاونون أهل المواجيد الذين سبقوا بنور العصمة ، وغابوا في مشاهدة مولاهم عن المكر والخديعة.

وقال جعفر : زين للذين جحدوا التوكل زينة الحياة الدنيا حتى جمعوها ، وافتخروا بها ، ( ويسخرون من الذين آمنوا ) من الذين توكلوا على الله في جميع أمورهم ، ونبذوا تدابيرهم وراء ظهورهم ، فأعرضوا عنها وهم الفقراء الصبر الراضون.

( كان الناس أمة واحدة ) يعني في ميثاق الأول حين خاطبهم الحق سبحانه وتعالى جل سلطانه بتعريف نفسه لهم ، حيث قال : ( ألست بربكم قالوا بلى ) [الأعراف : 172] ، كانوا أمة واحدة في إقرارهم برؤية خالقهم ، وإلزام عبوديته على أنفسهم لما رأوا من عظم برهانه ، وشواهد سلطانه ، وما سمعوا من عجائب كلامه ، وما أدركوا من أنوار قربه وصفاته وذلك الجمعية قبل أن يبتليهم الله بالعبودية ، فلما اختبرهم ببلايا العبودية إلى الدنيا ، فتفرقوا جميعا ، فأهل الصفوة ساعدهم التوفيق ، فبقوا على المشاهدة والقربة ، وإدراك أنوار الصفوة ، ثابتين في دفع حطام الدنيا عن مجالس أسرارهم مع سيدهم ، مستقيمين في خدمته بلا طلب الأعواض من الكرامات ، مقتصدين في سلوك المعرفة والمحبة ، فأنزل الله سكينته في قلوبهم ، ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ، فلا جرم ما زاغوا عن طريق الاستقامة ، وما زاغوا عن مشاهدة الحبيب إلى حضرة الدنيا وشهوتها ، وما باعوا كرامة الحق بالدنيا الدنية ، ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) [الأحزاب : 23] ، وأما أهل الخذلان فأوبقهم الحق في ظلمه هواء نفوسهم حتى استأثروا الدنيا على الآخرة ، ونسوا عهد الله ، ونزلوا على مراد الهوى ، وتركوا نعيم الرضا ، ومالوا عن طريق الهدى إلى مضلة الضلال ودول الجهال ، وأيضا كانوا بعد كونهم من العدم جملة في غيبة من الحق قبل خطاب الحق معهم ، وكشف قربه لهم فإذا كشف الله عنهم حجب الإنسانية ، وأراهم مشاهدة القربة ، فتفرقوا جميعا في شعب المعارف والكواشف ، فبعضهم صادقوا حقائق المقامات فوقفوا بها على شرط العبودية ، وبعضهم صادقوا لطائف الحالات فبقوا فيها متنعمين بمشاهدة الربوبية ، وبعضهم نالوا خصائص الكرامات والمعجزات فشاهدوها بشرط أداء الأمانة ، وبعضهم أدركوا صرف المشاهدة من الحق جل كبرياؤه فتاهوا في وادي العظمة ، وطاروا في هواء الهوية ، وساروا في فقار الديمومية ، وأما أهل الحرمان فصادقوا في أول نهوضهم من زمرة الوحدة مهالك القهريات ، فغابوا في شعاب الضلالات ، فبعضهم تهودوا ، وبعضهم تنصروا ، وبعضهم تزندقوا ، وبهذا جف القلم إلى يوم ليس لهم في الإيمان

Page 87