129

Les Épouses de l'Éloquence sur les Réalités du Coran

عرائس البيان في حقائق القرآن

Genres

وترزق العاشقين مقام الجمع والتفرقة ، وترزق الأحرار مقام التلوين والتمكين بغير حساب أكثر من أن يحصى عدد أسرارها ويعد حقائق أنوارها ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ) أي : لا يصحب العارف الجاهل ولا المخلص المرائي ، ولا الصادق الكذاب ، ولا المؤمن المبتدع المنكر ، ولا المريد الصادق الفاتر المدعي ، ولا يحب أهل الحق أهل الباطل حتى ينالوا ببعضهم مقام حقيقة العبودية.

( ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) أي : لا ينال من الله تعالى درجة أهل محبته وقربته ومعرفته ، ( ويحذركم الله نفسه ) حذر أصفياءه بالفراق عن وصله بسبب محبة أعدائه ، وبهذا التخويف يربي خواص أحبته في قباب الشفقة وأسبل بهذا عليهم نقاب الغيرة حتى لا يراهم أحد سواه ( والله رؤف بالعباد ) مشفق بأوليائه وأهل طاعته بأن يسترهم عن أبصار الغفلة والجهلة وأكرمهم بصحبة أهل التوحيد والمعرفة ، وبسط لهم بساط الشريعة والحقيقة حتى يردوا موارد الأنبياء والرسل ، وشربوا من مناهل المقربين شراب الصفاء ، ولبسوا من نسج الكروبيين أثواب الوفاء.

وسئل أبو عثمان عن قوله : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ) فقال : لا ينبسط شيء إلى مبتدع ؛ لفضل عشيرة ، ولا لقرابة نسب ، ولا نلقاه إلا ووجهه له كاره ، فإن فعل شيئا من ذلك فقد أحب من أبغضه الله ، وليس بولي الله من لا يوالي أولياء الله ، ولا يعادي أعداءه.

وقال ابن عطاء في قوله : ( ويحذركم الله نفسه ): إنما يحذر نفسه من يعرفه ، فأما من لا يعرفه ؛ فإن هذا الخطاب زائل عنه.

وقال الواسطي : يحذركم الله نفسه في دعوى إتيان شيء من الطاعات ؛ إذ فيه جذب الربوبية.

وقال أيضا : ذلك ألا يأمن أحد أن يفعل به ما فعل بإبليس زينة بأنوار عصمته ، وهو عنده في حقائق لعنته ، وسبق عليه ما سبق منه إليه حين غاضبه فجأة بإظهار علته.

وقال أيضا : إنه لا يحذر نفسه من لا يعرفه ، وهذا خطاب الأكابر ، وأما الأصاغر فخطابهم : ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )، ( فاتقوا الله ما استطعتم ) [التغابن : 16].

وقال جعفر : ( ويحذركم الله نفسه ) هذا الخطاب للأكابر ( والله رؤف بالعباد ) خطاب للأصاغر.

وقال ابن عطاء : احذر سطوته ونقمته ؛ فإنه عزيز قهار ، وابذل روحك له ، واعلم أنك

Page 139