وتجاهل برنارد هذه المقاطعة وواصل حديثه، قال: «لقد طرأ لي فجأة ذات يوم أنه من الجائز أن يبقى الإنسان راشدا كل الوقت.»
وقالت ليننا بصوت ثابت: «إني لا أفهم.» - «أعرف أنك لا تفهمين، ومن أجل هذا ذهبنا أمس إلى الفراش معا - كالأطفال - بدلا من أن نبقى راشدين فننتظر.»
قالت ليننا: «ولكننا تمتعنا، أليس كذلك؟»
فأجاب بقوله: «أجل، لقد كانت متعة كبرى.» ولكن صوته كان حزينا وقسمات وجهه جد بائسة، حتى إن ليننا أحست أن كل انتصارها قد تبخر فجأة، ربما وجدها سمينة جدا.
ولما عادت ليننا وأسرت لفاني بمكنون صدرها، قالت لها فاني: «لقد قلت لك ذلك، إنه الكحول الذي وضعوه في دمه.»
فأجابت ليننا: «ولكني برغم ذلك أحبه، ما أجمل يديه، وما أرقه حينما يحرك كتفيه - إنه حينئذ يجذبني جذبا شديدا.» وتنهدت ثم قالت: «ولكني أود لو لم يكن شاذا كما هو.»
2
وقف برنارد لحظة خارج غرفة المدير، ثم تنفس نفسا عميقا ورفع كتفيه، واستعد للقاء البغضاء والرفض داخل الغرفة، وقرع الباب ثم دخل.
وقال وهو مبتهج قدر استطاعته: «هذا تصريح لتوقع عليه أيها المدير.» ثم وضع الورقة على المكتب.
ورمقه المدير بنظرة مريرة، ولكنه لمح في أعلى الورقة ختم «مكتب المراقب المالي»، وفي أسفلها توقيع مصطفى مند بخط أسود كبير، وكان كل شيء على أتم نظام، فلم يكن للمدير بعد هذا خيار، فوقع اسمه بالقلم الرصاص، وتوقيعه عبارة عن حرفين صغيرين باهتين حقيرين تحت توقيع مصطفى مند، وأوشك أن يرد الورقة بغير تعليق وبغير السرعة الفوردية الطبيعية، لولا أن جذبت عينه كلمة مسطورة خلال عبارة التصريح.
Page inconnue