سوف يشبون على ما اعتاد علماء النفس أن يسموه كرها «غرزيا» للكتب والزهور، هذه أفعال منعكسة شرطية لا تتغير، سوف يكونون بمنجاة من الكتب وعلم النباب طول حياتهم.» ثم التفت المدير إلى مربياته، وقال: «أبعدوهم ثانية.»
وحمل الأطفال ذوو الأردية الكاكية، وهم ما يزالون يصيحون فوق قوائمهم الخشبية ذوات الرفوف، ودفعتهم العجلات إلى الخارج، مخلفين وراءهم رائحة اللبن الرائب، وصمتا محببا إلى النفوس.
ورفع أحد الطلبة يده، لقد أدرك تمام الإدراك، لماذا لا نستطيع أن يكون لدينا قوم من النوع الدنيء، يضيعون وقت المجتمع في الكتب، كما أدرك أن هناك دائما خطرا من أن يقرءوا شيئا ربما أزال الرابطة بين الشرط والاستجابة؛ وهو شيء لا نرغب فيه. أدرك الطالب ذلك، ولكنه لم يفهم ما حدث بشأن الزهور، لماذا نجشم أنفسنا مشقة كبرى، بأن نجعل من المستحيل من الناحية النفسية للنوع «د» من الناس أن يحب الزهور.
وأخذ المدير يشرح له في صبر وأناة، إذا أرغمنا الأطفال على الصياح عند مرأى الورد، فإنما نفعل ذلك لأسباب سياسية اقتصادية عليا، من عهد غير بعيد جدا (منذ زهاء القرن)، كانت الأنواع «ج»، «د»، بل و«ه» تدرب على حب الزهور خاصة، والطبيعة الجرداء عامة، وكان الغرض من ذلك أن نحببهم في الخروج إلى الريف كلما سنحت الفرصة، فنضطرهم بذلك إلى أن يستخدموا وسائل المواصلات.
فسأل الطالب: «وهل لم يستخدموا تلك الوسائل؟»
وأجاب المدير: «لقد استخدموها كثيرا، ولكنهم لم يفعلوا غير ذلك.»
ثم أشار إلى أن زهور الربيع ومناظر الطبيعة لها عيب واحد خطير: «وذلك أنها مجانية. إن حب الطبيعة يعطل المصانع، فقررنا أن نلغي حب الطبيعة على الأقل من الطبقات الدنيا، قررنا أن نلغي حب الطبيعة، ولكن على أن يبقى الميل إلى استخدام المواصلات؛ لأنه كان من الضروري لهم بطبيعة الحال ألا ينقطعوا عن زيارة الريف، حتى إن كانوا يمقتونه. وأصبحت المشكلة تنحصر في إيجاد سبب اقتصادي لاستخدام المواصلات أقوى من مجرد حب زهور الربيع ومناظر الطبيعة، ولقد عثرنا على السبب في الوقت المناسب.»
وختم المدير كلامه قائلا: «إننا نكيف الجماهير على كره الريف، ولكنا في نفس الوقت نكيفهم على حب ضروب الرياضة الريفية كلها، وفي الوقت عينه نتأكد من أن جميع ضروب الرياضة الريفية تستلزم استخدام الأجهزة المعقدة؛ وبذا يستهلكون الأشياء المصنوعة، كما يستهلكون وسائل النقل؛ ومن ثم أدخلنا تلك الهزات الكهربية.» فقال الطالب: «لقد فهمت.» ثم صمت مستغرقا في الإعجاب.
ثم كان سكون شامل، وبعدئذ طهر المدير حلقه مما به، ثم بدأ الحديث ثانية، قال: «كان هناك فيما مضى - حينما كان فورد على وجه البسيطة - طفل صغير يدعى روبن رابنوفتش، وكان روبن ولدا لأبوين يتكلمان اللغة البولندية.» ثم قاطع المدير نفسه سائلا: «أحسب أنكم تعرفون ما هي البولندية.» - «إنها لغة ميتة.»
وزاد على ذلك طالب آخر قائلا: «كالفرنسية والألمانية.» وقد أقحم نفسه متظاهرا بعلمه.
Page inconnue