ماذا يكون إن صدقنا الخبر؟
وماذا يكون إن كذبناه؟
إن صدقنا الخبر فكل ما هنالك أن إماما في الدين مطبوعا على الكرم والكرامة قد جري على سنة نبيه وهاديه، فأصبح صائما وعاد مريضا وتصدق على فقير بكسرة خبز وجدها في يد حفيده.
وليس هذا بممتنع، بل هذا أقرب الأشياء أن يقع، ولا سيما إذا أضفناه إلى جملة أخبار أبي بكر من إحسانه في الجاهلية والإسلام، ومن إنفاقه المال كله في سبيل الخير حتى مات وهو فقير.
فإن كذبنا الخبر فماذا يتقاضانا تكذيبه من جهد للعقل واعتساف للتفكير والتخمين؟
إن كذبناه وجب أن نعتقد أن أبا بكر رضي الله عنه قد أجاب النبي عليه السلام بغير الحق، وأنه يتجافى صدق المقال في أقمن المواضع بصدق المقال، فلو جاز أن يكذب على كل إنسان لما جاز أن يكذب على الرجل الذي صدقه، وخاطر بالمال والبنين والحياة في سبيل تصديقه. فمن الذي يقبل هذا الفرض ولا يرى أن كل فرض دونه أدنى إلى القبول؟
ومن الذي يعقل ثم يخيل إليه أن العقل يميل به إلى هذا التكذيب ولا يميل به إلى ذلك التصديق؟
ونقول: إن هذا جائز لنتمادى مع التفيهق إلى أقصى مداه فما الذي يتقاضانا جوازه مرة أخرى من جهد واعتساف؟
يتقاضانا أن نقبل شيئا يقرب من المستحيل.
إن الرجل الذي يجترئ على الكذب في هذا المقام لا ينطبع على الصدق، ولا يخفى كذبه على الناس، فكيف به وهو مشهور بالصدق في كل ما قال، والوفاء بكل ما وعد؟ وكيف به وهو مشهور بالصدق في شئون الضمان والمغارم، وهي شئون لا يخفى التدليس فيها إلى زمن طويل؟ وكيف به وهو مشهور بالصدق قبل أن يدين بالدين الذي يحضه عليه؟
Page inconnue