ولعلنا لا نستبين هذه الحقيقة من مثال واحد كما نستبينها من مثال عمر - رضي الله عنه - في إسلامه ... فقصته في ذلك نموذج لتلبية الدعوة المحمدية، ينفي كل كلام يقال عن الوعيد والإغراء وأثرهما في إقناع الأقوياء أو الضعفاء.
قال ابن إسحاق: «... خرج عمر يوما متوشحا بسيفه، يريد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ورهطا من أصحابه ... قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب من أربعين بين رجال ونساء، ومع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
عمه حمزة بن عبد المطلب، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق، وعلي بن أبي طالب، في رجال من المسلمين - رضي الله عنهم - ممن كان أقام مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بمكة ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة، فلقيه نعيم بن عبد الله فقال له: «من تريد يا عمر؟ ...»
فقال: «أريد محمدا هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها، فأقتله.»
فقال نعيم: «والله قد غرتك نفسك يا عمر! ... أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا؟ ... أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟»
Page inconnue