Le génie de l'Imam Ali
عبقرية الإمام علي
Genres
إلا أن الدهاة من العرب، كانوا يتوقعون من عمرو بن العاص أن يحتال لنفسه حتى يفرغ وسعه قبل أن يحتال لصاحبه الذي أنابه عنه.
ومن هؤلاء الدهاة المغيرة بن شعبة الذي اعتزل الفريقين من مطلع الفتنة إلى يوم التحكيم، فلما اجتمع الحكمان علم أنها الجولة الأخيرة في الصراع ... فخرج من عزلته ودنا ليستطلع الأمور، على سنة الدهاة من أمثاله، إذ يتنسمون الريح قبل هبوبها، ولا يقلقون أنفسهم بمهبها قبل أوانها ... فلقي أبا موسى وعمرو بن العاص، ثم ذهب إلى معاوية وهو مشغول البال بطول الاجتماع بين الحكمين، واضطراب الظنون فيما وراء هذا الإبطاء المريب ... فقال له وهو يرى اشتغال باله: «قد أتيتك بخبر الرجلين ...»
قال معاوية: وما خبرهما؟ ...
قال المغيرة: «إني خلوت بأبي موسى لأبلو ما عنده فقلت: ما تقول فيمن اعتزل عن هذا وجلس في بيته كراهية للدماء؟ ... فقال: أولئك خيار الناس، خفت ظهورهم من دماء إخوانهم وبطونهم من أموالهم. فخرجت من عنده وأتيت عمرو بن العاص، فقلت: يا أبا عبد الله ما تقول فيمن اعتزل هذه الحروب؟ ... فقال: أولئك شرار الناس لم يعرفوا حقا ولم ينكروا باطلا» ...
ثم عقب المغيرة قائلا: «أنا أحسب أبا موسى خالعا صاحبه وجاعلها لرجل لم يشهد، وأحسب هواه في عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأما عمرو بن العاص فهو صاحبك الذي عرفته، وأحسبه سيطلبها لنفسه أو لابنه عبد الله، ولا أراه يظن أنك أحق بهذا الأمر منه ...»
وقد أحسن المغيرة حزره نقل الحرف بالحرف في تقدير نية الرجلين، فإنهما ما اجتمعا هنيهة حتى أقبل أبو موسى على عمرو يقول له: «يا عمرو! ... هل لك فيما فيه صلاح الأمة ورضا الله؟»
قال: «وما هو؟ ...»
قال: «نولي عبد الله بن عمر، فإنه لم يدخل في نفسه شيء من هذه الحروب ...»
فراغ عمرو قليلا يحاول أن يلقي في روع صاحبه أنه يريد معاوية، ثم عاد يسأله: «فما يمنعك من ابني عبد الله مع فضله وصلاحه وقديم هجرته وصحبته؟»
فأوشك أبو موسى أن يجيبه لولا أنه قال: «إن ابنك رجل صدق، ولكنك غمسته في هذه الحروب غمسا.»
Page inconnue