ولا يجوز للجنب ولا للحائض أن يقرأ القرآن ولا يمس المصحف إلا أن يكون في غلاف ولو كان محدثا فلا بأس بأن يقرأ القرآن، ولا ينبغي له أن يمس المصحف إلا في غلافه لقوله تعالى في محكم تنزيله {لا يمسه إلا المطهرون} وقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يمس القرآن إلا طاهر)) وأما القراءة فلا بأس بها إذا كان على غير وضوء لما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن بعد ما خرج من الخلاء وكان لا يحجزه ولا يحجبه لشيء سوى الجنازة. والمستحب أن يكون متوضئا ولا بأس بأن يقرأ الجنب والحائض أقل من آية واحدة، ولو كانت المرأة معلمة فحاضت فأرادت أن تعلم الصبيان ينبغي لها أن تلقن نصف آية ثم تسكت ثم تعلم نصف آية ولا تعلم آية تامة دفعة واحدة، ولا يجوز للجنب والحائض أن يدخلا المسجد ولا بأس للمحدث بدخول المسجد ولا بأس للجنب والحائض بالتسبيح والتهليل والدعوات، وإنما لا يجوز قراءة القرآن خاصة.
الباب الثامن عشر: في تفسير السبع المثاني
(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم في قول الله تعالى {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف. قال الراوي: ونسيت السابع، وإنما سميت مثاني لأن الله تعالى استثناها لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وذخرها لهم وهو قول التابعين. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في رواية أخرى أنه قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب. وقال ابن مسعود: السبع المثاني: فاتحة الكتاب. وروى الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى {سبعا من المثاني} قال: السبع المثاني فاتحة الكتاب، فقيل له إنهم يقولون هي السبع الطوال؟ فقال لقد أنزلت هذه الآية وما نزل شيء من الطوال. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هي فاتحة الكتاب)) وفي رواية أخرى أنه أراد به جميع القرآن، ويقال إنما سميت فاتحة الكتاب بالسبع المثاني فإنها سبع آيات، وتثنى بالقراءة في كل صلاة. وقيل إنما سميت بالسبع المثاني لأنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة تعظيما لها، والله أعلم.
الباب التاسع عشر: فيما نزل من القرآن بمكة والمدينة
(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: نزل من القرآن بالمدينة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأنفال، والتوبة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا، والفتح، والحجرات، والحديد، والمجادلة، والحشر، والقتال، والممتحنة، والصف، والجمعة، والمنافقون، والتغابن، والطلاق، والتحريم، ولم يكن الذين كفروا، وإذا جاء نصر الله، وقل هو الله أحد، والمعوذتان، ونزل سائر السور بمكة. وقال بعضهم: ست آيات من سورة الأنعام، وبعض آيات من النحل، وبعض من بني إسرائيل، وبعض آيات من سورة القصص، وبعض آيات من سورة هل أتى على الإنسان، وآخر سورة الشعراء، وسورة والعاديات مدنية. وقال مجاهد: فاتحة الكتاب نزلت بالمدينة، وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: نزلت بمكة.
Page 318