وكان فيلسوفا بمعنى الكلمة الذي شاع في كل زمن وجعل الفلسفة ضربا من التصوف العقلي يوحي إلى صاحبه التقشف والزهد في المظاهر الفارغة التي يفتن بها المتكالبون على الحياة، ولم يكن فرنكلين متقشفا أو زاهدا في دنياه، ولكنه كان يطلب الشيء لمعناه لا لمظهره، ولأنه هو يبتغيه لا لأن الناس يبتغونه بالمحاكاة والتقليد.
أما الفلسفة التي تستغرق صاحبها فيما وراء الطبيعة وفي الجدل حول مباحثها، فلم تكن من فلسفات فرنكلين؛ لأنه كان ينفر من النظريات التي لا يحسها ولا يدركها، وكان ينفر من الجدل كما قال في مفكراته، وإن كانت مطالعته لسقراط قد أكسبته قدرة عظيمة في فنون الحوار، وكادت تنحرف به إلى شقاشق الجدل في بواكير حياته الفكرية.
وقد اطلع فرنكلين على كتب الفلسفة التي وصلت إلى يديه في بوستون وفلادلفيا، وقرأ منها كتاب كولنز
Collins
محاضرة في التفكير الحر
Discourse of Free thinking
وكتاب شافتسبري
Shaftsbury
بحث في الفضيلة، أو الجدارة
Inquiry Concerning Virtue or Merit
Page inconnue