Le commencement du zélé et la fin de l'économique

Averroès d. 595 AH
58

Le commencement du zélé et la fin de l'économique

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Maison d'édition

دار الحديث

Numéro d'édition

بدون طبعة

Lieu d'édition

القاهرة

وَالَّذِينَ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا طُهْرًا وَاحِدًا فَقَطْ هُمْ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُمْ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَأَكْثَرُ هَؤُلَاءِ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهَا إِلَّا اسْتِحْبَابًا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَوْمٌ آخَرُونَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ رَأَوْا أَنَّ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ تَتَطَهَّرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَقَوْمٌ رَأَوْا أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ تُؤَخِّرَ الظُّهْرَ إِلَى أَوَّلِ الْعَصْرِ، ثُمَّ تَتَطَهَّرَ وَتَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَكَذَلِكَ تُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَتَتَطَهَّرُ طُهْرًا ثَانِيًا وَتَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ تَتَطَهَّرُ طُهْرًا ثَالِثًا لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَأَوْجَبُوا عَلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَطْهَارٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. وَقَوْمٌ رَأَوْا أَنَّ عَلَيْهَا طُهْرًا وَاحِدًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ لَمْ يَحُدَّ لَهُ وَقْتًا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنْ تَتَطَهَّرَ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ، فَيَتَحَصَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِالْجُمْلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا طُهْرٌ وَاحِدٌ فَقَطْ عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ. وَقَوْلٌ: إِنَّ عَلَيْهَا الطُّهْرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَقَوْلٌ: إِنَّ عَلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَطْهَارٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. وَقَوْلٌ: إِنَّ عَلَيْهَا طُهْرًا وَاحِدًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ اخْتِلَافُ ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ وَاحِدٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا. أَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ فَحَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ لَهَا ﵊: لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ «وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَمْ يُخَرِّجْهَا الْبُخَارِيُّ وَلَا مُسْلِمٌ، وَخَرَّجَهَا أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّهَا اسْتَحَاضَتْ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ هَكَذَا أَسْنَدَهُ إِسْحَاقُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَمَّا سَائِرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، فَإِنَّمَا رَوَوْا عَنْهُ «أَنَّهَا اسْتُحِيضَتْ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لَهَا: " إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ "

1 / 66