Entre la religion et la philosophie : L'opinion d'Averroès et des philosophes du Moyen Âge
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Genres
وبهذا نستطيع معرفة مقدار كفاية هذه الجهود أو عدم كفايتها في هذا السبيل، ونتبين مقدار الحاجة لرجل قوي الشكيمة ثاقب الفكر كابن رشد، فيخصص جانبا كبيرا من نشاطه الفلسفي للتوفيق بين الإسلام، الذي كان من أكبر رجاله وممثليه، والفلسفة التي كان من أعلامها، ولنبدأ في هذا العرض الموجز بالكندي أول الفلاسفة. (1) في المشرق (الكندي، الفارابي، السجستاني، مسكويه، ابن سينا) (1-1) الكندي
عاش أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي فترة من حياته في بيئة التفكير الحر والتسامح التي خلقها المأمون الخليفة العباسي المتوفى في سنة 218ه،
5
وشجعها إلى درجة أن كان هو نفسه ذا ميول شيعية، ووزيره يحيى بن أكثم سنيا، ووزيره الآخر أحمد بن أبي داود معتزليا، ومن ثم، كان الإنسان لا يرى حرجا في أن يعتقد ما يرى من مذهب، وكان ربما اجتمع في البيت الواحد عدة إخوة لكل منهم رأيه ومذهبه.
6
ولكن الكندي عاش أيضا بعد وفاة المأمون في العصر الذي بدأه الخليفة المتوكل على الله (توفي عام 247ه )، والذي عاد فيه سلطان أهل السنة، لا جرم إذن أن رأيناه يحس - ككل مفكر حر - القلق والخوف من رجال الدين وسلطانهم، وكان ما رواه ابن أبي أصيبعة من أنه أوذي بسبب اشتغاله بالفلسفة.
7
ولهذا كان لا بد له من محاولة التوفيق بين الشرع والعقل، وذلك ما قد يجعله بمأمن من الأذى؛ ولذلك نجد ابن النديم يذكر له ضمن مؤلفاته رسالة في إثبات الرسل، وأخرى في نقض مسائل الملحدين، كما نجد ظهير الدين البيهقي يذكر أنه «قد جمع في بعض تصانيفه بين أصول الشرع وأصول المعقولات.»
8
وقد كان مؤرخ الفكر والفلسفة الإسلامية إلى الأمس القريب يقنع بهذه الأحكام ونحوها من ابن النديم وابن أبي أصيبعة والبيهقي، ونحوهم ممن ترجموا لحكماء الإسلام ومفكريه، إذا لم يجد لهم من المؤلفات ما يعينه على تعرف نزعاتهم واتجاهاتهم في تفكيرهم.
Page inconnue