وقالت لي بفمها البعيد عني: أنت تفعل كما يفعل أي ذئب يا يحيى، أنت ذئب.
وانتفض قلبي لدى قولها هذا، وبقوة حاولت أن أديرها ناحيتي لأقبلها، وكأني وجدت في كلامها ما يشجعني، ولكنها قاومتني بعنف وابتعدت. وبسرعة وجدتها قد جمعت أشياءها وأصبحت على باب الشقة، وقد فتحت الباب ووقفت على عتبته تقول: يحيى، أنا ذاهبة.
انطلقت في أثرها قائلا: سانتي.
فمضت إلى السلم بسرعة قائلة: أنا ذاهبة.
وناديت عليها مرة أخرى، ولكنها كانت تهبط الدرجات.
وفي الحقيقة لم أتمن كثيرا أن تعود، فيكفي ما حدث اليوم، وحتى لو عادت فإن اضطرابي سيزيد الأمر تعقيدا.
وجلست على الكنبة في المكان الذي كانت جالسة فيه، وأشعلت سيجارة وابتسمت؛ فلأمر ما لم أحس بالندم هذه المرة ولا بمرارة الفشل.
واعتبرت ما حدث جولة، مجرد جولة في تلك المعركة الرهيبة الدائرة بيني وبين نفسي، وبيني وبين سانتي.
12
كان ميعاد الاجتماع في السابعة والنصف، ولم أكن أول الحاضرين. جئت متأخرا واختلقت عذرا واهيا، وسلمت وأنا منكس الرأس، ثم جلست وأنا لا أزال مرتبكا. وخيل إلي أن زمنا طويلا قد مضى قبل أن أفيق وأحس أني حقيقة في الاجتماع الأسبوعي للمجلة. كان أحمد شوقي يرأس الاجتماع وكان جالسا مستغرقا كالعادة في الأجندة والمواد، وعلبة سجائره الأمريكية بجواره يسحب منها السيجارة بين الحين والحين، وتعجبني جدا أصابعه وهي تتحرك من تلقاء نفسها وتتسلل إلى فتحة العلبة بينما هو مشغول بالنقاش لتسحب السيجارة وتضعها في فمه.
Page inconnue