Le Héros Conquérant Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genres
وقد كان محمد علي في كل ما عرضه على الإنكليز يريد اتقاء عداءهم، حتى لامه قنصل النمسا عندما عرض على إنكلترا وضع جيشه تحت إشرافهم؛ لأنه يصبح تابعا صغيرا لهم، بدلا من أن يكون وزيرا خطير الشأن في تركيا. فأجابه محمد علي: «إن هناك مغامرة خطرة، ولكني رأيت أنه لا مندوحة عن المرور بهذا الخطر.»
أما الإنكليز، فإنهم كانوا على أشد الحذر منه، وقد كتب قنصلهم في الإسكندرية يصف محمد علي وإبراهيم بقوله:
أما إبراهيم، فإنه يعتمد في كل أعماله على القوة والعمل الفاصل ليبلغ غرضه، وأما محمد علي، فإنه عند الاضطرار يستخدم المال والمداهنة والوعود الخلابة والدسائس والحيلة المفتعلة، وهو ينبوع لا ينضب في كل مأزق وحرج، وهو قادر على التملص مهما ساء موقفه حتى موقف اليأس.
منذ اتفاق كوتاهيه أخذت إنكلترا تقف في وجه محمد علي؛ لتحول دون تأليف الدولة المصرية الكبيرة من شطر من آسيا وآخر في أفريقيا. ولكن القلوب كانت تهوي إلى مصر من كل جانب، فقد عرفنا أنهم بذلوا كل جهدهم ليحولوا دون مجيء رسول الشاه إلى مصر يحمل رسالة الود والولاء من مولاه. وحدث قبل ذلك أن اللورد بالمرستون كتب في أول يوليو 1833 إلى الكولونيل كامبل قنصل إنكلترا في مصر كتابا يقول له فيه:
أرسل إليك مع هذا كتابا من المستر فرازير قنصل إنكلترا في بونا، وقد أرسله إلى وزارة المستعمرات، وهو يتعلق بعريضة وجهها - على ما يقال - سيدي علي بك مغتصب طرابلس الغرب إلى محمد علي يطلب مساعدته، فأنا أكل إليك أن تتخذ الوسائل لتعرف هل هذه العريضة أرسلت إلى محمد علي أم لا. فإذا كانت قد أرسلت إليه، فوجه إلى محمد علي التنبيه حتى لا يتدخل في هذا النزاع.
ولما أراد محمد علي في سنة 1837 معاقبة الجيشان الذين اعتدوا على الأراضي المصرية في السودان وتوسيع ملكه في تلك الجهة، تلقى من إنكلترا إنذارا تقول له فيه: «إن الحبشة هي المملكة المسيحية الوحيدة في أفريقيا، وقد أعلنت إنكلترا مرارا وتكرارا الأهمية الكبرى التي تعلقها إنكلترا على بقاء هذه المملكة سليمة من كل مساس.»
أما من جهة العراق وسوريا وبلاد العرب، فقد تلقى الكولونيل كامبل من اللورد بالمرستون في 8 ديسمبر 1837 البلاغ الآتي:
إنى قد أكلفك بأن تبلغ باشا مصر بأن حكومة جلالة الملكة تلقت التقارير عن حركات الجنود المصرية في سوريا وبلاد العرب، وهي تدل على أنه ينوي أن يبسط سلطة مصر إلى جهة الخليج الفارسي وولاية بغداد، فأبلغ الباشا بكل صراحة أن الحكومة الإنكليزية لا تستطيع أن تنظر دون اكتراث إلى تنفيذ مثل هذه المشروعات.
وفي 20 يناير 1836 قال ريس أفندي للمسيو بونتيف سفير القيصر: «إن الباب العالي أدرك في الأيام الأخيرة كل الإدراك أنه يستطيع الاعتماد في المستقبل على مساعدة إنكلترا؛ لوضع شكيمة لمطامع باشا مصر، فبادر بإرسال التعليمات إلى نوري أفندي عند سفره إلى لندرة في سنة 1835، بالسعي لتسيير إنكلترا في هذا السبيل.» ولم تفتر تركيا من يوم احتلال محمد علي سوريا من إرسال الوفد تلو الوفد والمندوب تلو المندوب إلى لندرة؛ لتستعين بها ضد محمد علي.
أما فرنسا، فإنها تحولت إلى محمد علي تقدم له ما يحتاج من المساعدة ، وكان كل همها النهائي أن توفق بين محمد علي والباب العالي، فكان الباب العالي يتظاهر بموافقتها على أن يعطي محمد علي حكم مصر ويجعله في سلالته ويترك له قوة كافية من الجيش، ولكن الظاهر أنه كان يقصد مخادعتها، بدليل أن وزير خارجية تركيا أرسل في 10 أكتوبر 1836 إلى سفير تركيا في باريس تلغرافا يقول فيه عن اقتراح سفير فرنسا والتظاهر بقبوله: «إن الغرض من هذا التظاهر مجاراته وإرضاؤه فقط دون أن نطلعه على خفايا نفسنا، فنحن قد نسلم بإعطاء محمد علي صيدا وعكا إذا كان هذا الإعطاء يرفع يده عن البلاد الأخرى، على شرط أن يرضي ذلك الإنكليز. ولكي نزيد في إخفاء ما نضمره قد أرضينا سفير فرنسا بتوقيع الاقتراح الذي اقترحه.
Page inconnue