7
عبارة «الارتقاء البشري» من العبارات الخادعة؛ ذلك أن الحضارة التي هيأت لنا المسكن الحسن والانتقال السريع والملابس الوفيرة ونظافة المياه والأمن ونحو ذلك، إنما هي جميعها ارتقاء في الوسط الذي نعيش فيه وليست ارتقاء في صميم أجسامنا وعقولنا، فنحن أرقى مساكن مما كنا قبل عشرة آلاف سنة حين كنا نعيش في كهوف، ولكن أجسامنا وعقولنا لا تزال على ما كانت عليه قبل عشرة آلاف سنة.
وقد انفجرت ثورات غيرت المجتمعات ولكنها لم تغير الإنسان، إنما يتغير الإنسان إذا توليناه بالعقل الناضج والقصد الأرحب بحيث نهدف منه في قوانينه، وعاداته وأسلوب عيشه، وفلسفته، إلى أن يكون - جسما وعقلا - في ارتقاء دائم يزداد صحة وذكاء جيلا بعد جيل، وذلك قبل كل شيء عن طريق قصر التناسل، لا الزواج، على الأكفاء الممتازين.
8
ما زلنا متوحشين، ودعوانا بأننا أرقى المتوحشين كاذبة؛ إذ لا تزال عقائدنا وأخلاقنا وعاداتنا متوحشة.
إننا ما زلنا نمارس في عقائدنا نأكل الإله كما يفعل المتوحشون، وما زلنا نمزق أعضاء الموتى، وقد فعلنا ذلك بجثة المهدي في السودان حيث ضرب كتشنر ضريحه بالمدافع.
وقد كان سلوكنا في حرب الصين، البوكسر، لا يختلف أقل اختلاف عن سلوك المغول والتتار.
وما زلنا نستخرج الاعترافات من المتهمين بالتعذيب.
وفي حربنا في أفريقيا الجنوبية كنا نجبر أقارب المعدمين بحضور «حفلة» الإعدام.
وكذلك فعل الأمريكيون في فيليبين.
Page inconnue