Balaghat Gharb
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
Genres
ومن مشاهير رواياته التمثيلية التي سارت بذكرها الركبان، وسحبت على غيرها ذيل النسيان، ولم تفارق للآن أعظم المراسح ما وضعها شعرا مثل: «إيرناني»، و«ماريون دولورم» سنة 1830، و«الملك في لهوه» سنة 1832، و«روي بلاس» سنة 1838، و«ليبورجراف» سنة 1843 وغيرها، وما كتبه نثرا مثل «لوكريس بورجيا» و«ماري تودور» سنة 1833، و«أنجيلو» سنة 1835 وغيرها، وقد كتبها بنظم محكم السبك ونثر متين الحبك.
وقد انتخب في المجمع العلمي الفرنسي سنة 1841، ومنح رتبة «بيردو فرانس» سنة 1845، ثم خاض غمار السياسة إلى أن صار رئيسا لحزب الشمال الديمقراطي وخطيبه الأعظم، ثم حارب ضد لويس بونابرت، فحملته يد الاستبداد سنة 1851 إلى بروكسيل، حيث نفته هناك، ثم انتقل إلى جيرسيي، ومنها إلى جيرنزيي - وهما جزيرتان إنكليزيتان في بحر المانش - ولبث في منفاه ثماني عشرة سنة، ولم يرجع إلى وطنه إلا في سنة 1870، حيث بر بقسمه بأن لا يطأ أرضه ما قامت لعرش الملك قائمة.
ولقد أسعده النفي بنفحات مدهشات البيان، فراق له جو الخيال، وأوحت إليه الموجودة ببدائع البدائه وأحاسن المحاسن؛ فزف إلى القراء من بنات أفكار النظم والنثر ما خلب العقول وسحر الألباب، فنظم كتابه الذي وسمه ب «نابليون الصغير»، وكتاب «العقوبات» سنة 1853؛ فكان كأفعى تنفث سما زعافا فاغرة فاها نحو نابليون الثالث، ولم يجر يراع كاتب في الحقد والضغن بمثل ما أتى به قلمه في هذا الكتاب، ثم وضع كتاب «المشاهدات» سنة 1856، و«سير القرون» سنة 1859، وهو من أبلغ ما خطه بنان الشاعر. حشر فيها سير القرون الخوالي من أغلب الأمم؛ مما يدل على سعة اطلاعه في التاريخ، وأظهر فيها رقي الأمم من طور إلى طور، وتدرجهم في الكمال، ثم كتاب «البؤساء» سنة 1862، وهو نثر وخير ما كتب في درس الإنسانية والحياة الاجتماعية، مما تذوب له القلوب حنانا ورحمة وتذرف لهول بؤسه العيون الجامدة دما، وما لم يستطع كاتب أن يأتي بمثاله أو ينسج على منواله، و«عملة البحر» سنة 1866، و«الرجل الضاحك» سنة 1869، و«ثلاث وتسعون» وغيرها.
ولما آب إلى وطنه بعد سقوط المملكة وضع كتاب «العام الأسود» سنة 1872، ثم الحلقة الثانية من «سير القرون» سنة 1877، والحلقة الثالثة منها في سنة 1883، و«تاريخ جناية»، وقد ذكر فيه حوادث الهيئة الاستبدادية وغيرها من كتب: تاريخية، وفلسفية، وقصصية، ورسائل، وأفكار، وخواطر. وصار من رؤساء الحزب الجمهوري، وكان يطربهم بخطبه الشائقة في العدل والإنسانية والتقدم الأدبي والاجتماعي إلى أن توفي بباريس سنة 1885، وهو في الثالثة والثمانين من عمره، ومشى في جنازته ألوف مؤلفة؛ مما دل على عظم مكانته في قلوب قومه وتمجيدهم له.
نابليون الثاني
Napoléon II
7
سنة 1811: عام وما أدراك ما العام؟! ماجت فيه أمم لا يدركها الحصر، وقد أضجرهم الانتظار وفني منهم الصبر. يظلهم غمام مكفهر. مبتهلين إلى الله أن يستجيب دعوتهم وينيلهم أمنيتهم.
وكانوا يشعرون أن هذا الملك الواسع الأكناف المترامي الأطراف، يمتد تحت أرجلهم رعبا، ويرتعد خشية ورهبا، محدقين بأبصارهم إلى قصر اللوفر، وقد زمجر فوقه الرعد حتى كاد يدكه كطور سيناء، مطرقين كجواد بصر بصاحبه يقول بعضهم لبعض: ستتمخض الأيام بمولود ذي شأن ينتظره هذا الملك العظيم ليليه ويأخذ بزمامه.
ليت شعري! ما الذي أعده الجد لهذا الرجل الذي يفوق قيصر ورومية؟ ومن سيضيف حظوظ البشر إلى حظه فيسعدون بسعده ويشقون بشقائه؟!
Page inconnue