La Mer Méditerranée: Destins d'une mer
البحر المتوسط: مصاير بحر
Genres
وكل ما ليس شجرا، من كلأ وعوسج وثيل،
51
يلائم نظام الأمطار، وهو يبرعم في الخريف وينمو في الشتاء رويدا رويدا، ويسرع في الربيع نموا، فإذا حل فصل الصيف ظلت الأرض مستورة بحسك
52
لاصق وعشب يابس معانية نعاسا صيفيا بدلا من الرقاد الشتوي. وعلى العكس تحتاج النباتات الخشبية إلى فصلين، وذوات الأوراق الدائمة من الأشجار هي التي تعين صورة المنظر، وهي تجتنب الجفاف بقشر قاس أخضر أو أسمر، لامع في الغالب، وهي تحفظ نفسها أيضا بالزيوت العطرية وبالأشواك التي تقوم مقام الأوراق كما في السهوب.
وتظهر أوراق العفص والزيتون الجافة المجلدة
53
من القصر ما تقاوم معه التبخر، ويعد ورق الغار من أطول الأوراق، ولهذه الأشجار الدائمة الخضرة وقاية بشكلها وتركيبها ولونها وبطبقة لبدية أيضا، فيمكنها أن تنبت في أماكن ترتفع عن سطح البحر 1800 متر، وهي تنتصب متباعدة كما في السهوب فيصعب نمو نبات تحتها، حتى إن الأشجار ذات الأوراق السريعة الذبول تميل إلى الحياة متباعدة، ولا سيما أشجار البلوط والكستناء.
بيد أن البحر المتوسط يشتمل وحده على عنصر جوهري بكثرة، يشتمل على منحدرات مستورة بأعشاب تعين برائحتها وطعمها وتركيبها الكيماوي عادات جميع البلاد المجاورة وطهايتها وصيدليتها.
ويدنو الملاحون من ساحل جنوب إسبانية أو من قورسقة، فيعرفون بلدهم الأصلي من رائحته التي تنتشر إلى مدى بعيد، حتى إن الأجانب يشعرون بذلك في بعض الأحيان، وهذه رائحة مركبة حادة قليلا، وهي نصف عذوب نصف مرة، وهي قوية تارة خفيفة تارة أخرى، ولكنها عطرية طيبة على الدوام، ويمكن أن يسمى هذا المزيج بأريج البحر المتوسط، ويستر معظم النباتات التي تتركب منها منحدرات حجرية ذات حشو ناعم لبدي، وتعيش هذه النباتات ضمن شركة وثيقة لا ترى مثلها في غير الغابة البكر، ويخرج الصعتر باقات سمرا خضرا من الحجارة وفطور
Page inconnue