فقلت له: لبيك.
فقال: لا تقل لبيك، فان العبد أولى بأن يلبي من المولى.
قلت: وما حاجتك يا حبيبي.
قال: أنا ضعيف البدن، لا أطيق الخدمة، وقد كان لك في غيري سعة، قد أخرج لك من هو أجلد مني وأثبت. فقلت له: لا يراني الله تعالى أستخدمك، ولا كان اشترائي لك إلا أنزلك منزلة الأولاد، ولأزوّجك، وأخدمك أنا بنفسي. قال: فبكى، فقلت له: وما يبكيك؟.
قال لي: أنت لم تفعل هذا، إلا وقد رأيت بعض متصلاتي بالله تعالى، وإلا، فلم أخذتني من أولئك الغلمان؟.
فقلت له: ليس بك حاجة إلا هذا.
فقال لي: سألت بالله إلا أخبرتني.
فقلت له: بإجابة دعوتك.
فقال لي: إني أحسبك إن شاء الله رجلا صالحا، إن لله ﷿ خيرة من خلقه، لا يكشف شأنهم إلا لمن أحب من عباده، ولا يظهر عليهم إلا من ارتضى.
ثم قال لي: ترى أن تقف عليّ قليلا، فانه قد بقي عليّ ركعات من البارحة.
قلت: هذا منزل الفضيل.
قال: لا هاهنا أحبّ إليّ. إن أمر الله تعالى لا يؤخر، فدخل المسجد، فما زال يصلي حتى أتى على ما أراد، فالتفت إليّ وقال: يا أبا عبد الرحمن، هل لك من حاجة؟.
قلت: ولم.
1 / 48